كان العثمانيون، طيلة قرون، أسياد العالم، لكن لم يتمكنوا أبدا من بسط سيطرتهم على المغرب. ومع مرور الوقت، أصبح أولئك الأعداء للمملكة حلفاءها الرئيسيين.
مع بداية القرن الماضي، أصبحت ذاكرة علاقة المغرب مع العثمانيين تقريبا مطموسة تماما، بسبب قطع العلاقات التقليدية بين المغرب والمشرق بصفة عامة حوالي قرن. وقد ساهم حدثان كبيران في فقدان الذاكرة الجماعية، أحدهما حملة نابليون على مصر في عام 1798، والثاني احتلال فرنسا للجزائر ابتداء من عام 1830. والواقع أن علاقات المغرب مع الإمبراطورية العثمانية كانت، منذ القرن السادس عشر، تقوم على مبدأ الجوار، متوترة أحيانا بل تصل إلى دق طبول الحرب، وأحيانا وثيقة وتعاونية. لكن رغم ثلاثة قرون من العلاقات الوثيقة، مال باحثون إلى إنكارها، وذلك ما تبنته حتى الكتابات الكولونيالية قبل وبعد فرض الحماية، وانتهى الأمر إلى كونه لم يعد موضع خلاف.
الاتصالات الأولى
تعود الاتصالات الأولى بين المغرب والعثمانيين إلى بداية القرن السادس عشر، حين كان المغرب يمر، حينها، بظروف صعبة. فقد احتل البرتغاليون مدينة سبتة في عام 1415، وسقطت غرناطة في عام 1492، وخمس سنوات بعد ذلك، احتل الإسبان مدينة مليلية. وخلال القرن السادس عشر، احتل البرتغاليون أغلب مدن المحيط الأطلسي من طنجة إلى أكادير، فيما بسط الإسبان سيطرتهم على موانئ البحر الأبيض المتوسط، خاصة الجزائر وتونس وطرابلس، في الوقت الذي وجدوا مقاومة ضعيفة، مدعومة في الغالب من طرف سكان محليين لا حول لهم ولا قوة.
عبد الرحمان المودن
تتمة الملف تجدونها في العدد 49 من مجلتكم «زمان»