من بين جميع الرؤساء العرب، قد يكون العقيد معمر القذافي عدو الحسن الثاني الأول. حاول الرجلان مرارا الإطاحة ببعضهما. ولما لم ينجحا في مبتغاهما، نحيا منحا آخر: الاتحاد. في 31 غشت 1984، وقعا معاهدة وجدة التي تمخض عنها “الاتحاد العربي الإفريقي” بين المملكة المغربية والجماهيرية الليبية.
أجرى محمد عبد العزيز الأمين العام لجبهة البوليساريو، قبل ثلاثة أشهر فقط، حوارا مع صحيفة «روز اليوسف» المصرية. من مكتبه في مخيمات اللاجئين بتندوف، تحدث زعيم البوليساريو عن الدور البالغ الذي كان يلعبه الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في دعم «القضية الصحراوية» قبل أن يوليها ظهره عقب صفقة سياسية مع الحسن الثاني. قال عبد العزيز: «لا ننكر أن القذافي كان أحد أكبر الداعمين لقضيتنا، فقد كان يرتبط بعلاقات شخصية مع مؤسس البوليساريو وقائدها الأول الشهيد الولي مصطفى السيد. لكن الحقيقة أنه مع منتصف الثمانينات دخل فى صفقات سياسية واتفاقيات تعاون ثنائية مع الحسن الثاني، كان من أبرز نتائجها وقف الدعم الليبي للجمهورية الصحراوية».
ماذا قصد محمد عبد العزيز بالصفقة السياسية، بين الحسن الثاني والقذافي، التي كانت سنوات الثمانينات مسرحا لها؟ كيف ولدت؟ ما مضمونها؟ وماذا قدم الحسن الثاني للعقيد القذافي مقابل وقف دعمه للبوليساريو؟. يتعلق الأمر بمعاهدة وجدة التي وقعها الطرفان في 13 غشت 1984، وأعلنت ميلاد «الاتحاد العربي الإفريقي» بين المملكة المغربية والجماهيرية الليبية. خبطة دبلوماسية مدهشة قال عنها الملك الحسن الثاني في مذكراته: «كان أبنائي يتعرضون لقصف مدفعين، أحدهما جزائري والثاني ليبي، وكان من أوجب واجباتي إسكاتهما. فبتوقيع هذه المعاهدة، تمكنت من جعل القذافي محايدا، وحصلت على التزامه لي بعدم الاستمرار في تقديم أدنى مساعدة لأعدائي وللبوليساريو». التزام، اعترف الملك أن العقيد أوفى به كاملا.
خالد الغالي
التتمة في العدد 12 من زمان