فجر الماء نزاعات، في مغرب العصر الوسيط، وسط المجتمع خاصة بين سكان أعالي الجبال وبين سكان السفوح، وأيضا بين الريفيين والقرويين، دون أن ينجح الفقهاء في فك نزع فتيل النزاع.
معضلة الماء في المغرب ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى عصور غابرة ومنها العصر الوسيط، لكون المغرب يقع في مجال يسود فيه المناخ المتوسطي الذي يعرف تعاقب السنوات الرطبة ونظيرتها الجافة. وبالنظر إلى مشكلة الماء في المغرب خلال هذه الحقبة، فقد عدها عز الدين أحمد موسى، المتخصص في تاريخ المغرب الاقتصادي، “مشكلة المغرب الاقتصادية الأولى“ .على أن المناخ المتوسطي لا يفسر بمفرده مشكلة الماء في مغرب العصر الوسيط، فقد تضافرت عوامل بشرية لإذكاء تلك المشكلة، منها الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، فترتب عن كل ذلك نزاعات عديدة في الأرياف المغربية بين الأعالي والأسافل (المقصود بهما المجال الذي تحتله عالية الوادي وسافلته)، أو بين المزارعيين والرحويين، أو بين الرحويين أنفسهم، ونزاعات بين أطراف ريفية وأخرى حضرية حول تدبير مياه بعض الأودية. تلك هي أهم النزاعات المائية التي عرفها مغرب العصور الوسطى، التي سيتم التركيز عليها، مع الوعي بوجود أخرى مثل حفر الآبار وإصلاحها، وشق الترع، ومد السواقي، وتشييد السدود، وإنشاء قنوات مياه الشرب وإصلاحها… وتتخذ هذه المشاكل أبعادا عديدة بفعل الارتباط العضوي بين الإنسان وهذه المادة الحيوية، وتختلف حدتها من مجال جغرافي لآخر؛ فمشاكل المناطق الرطبة ليس هي ذاتها مشاكل المناطق الجافة…
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 110 من مجلتكم «زمان»