أعاد مفكرون وفلاسفة ومؤرخون إحياء تراث ابن خلدون من خلال مقارنته مع أعمال الفيلسوف الإيطالي جيامباتيستا فيكو.
جاء ذلك في العدد الجديد من المجلة الألمانية “اللقاءات الفيلولوجية”، التي تصدر في برلين، وخصصت عددا من صفحاتها لدراسات تحت عنوان “العلوم الحديثة المبكرة: أبحاث حول ابن خلدون وجيامباتيستا فيكو”، قدم فيها أولئك المفكرون وجهات نظر جديدة حول التواريخ المتشابكة بين صاحب “المقدمة” وصاحب كتاب “مبادئ علم جديد في الطبيعة المشتركة للأمم”. يقول إسلام دية أستاذ الدراسات العربية وماركوس ميسلينغ أستاذ الفلسفة، في مقدمة الدراسة، إن ابن خلدون وفيكو يشتركان، برغم التباعد الزمني والمجالي بينهما، في طرح معضلات فكرية وقدما فهما للعالم بناء على اعتبارات تتعلق بالإنتاج الاجتماعي والثقافي الإنساني، كما يمثل الاثنان لحظة مهمة في الفكر الفلسفي والتاريخي.
كما يشترك ابن خلدون (1332- 1406) وفيكو (1668 – 1744) في كونهما عاشا في حوض البحر الأبيض المتوسط، الأول في الجنوب والثاني في الشمال. ويتساءل الكاتبان، دية وميسلينغ، إن كان من المفيد أو من المعقول أن يُقارَن مفكران محوريان مثل ابن خلدون وجيامباتيستا فيكو بمنظور مشترك؟ ألم يفترقا بثلاثة قرون تقريبا، ويعيشا على جانبي البحر الأبيض المتوسط ، ويعملا في ظروف مختلفة جدا؟ لكن الكاتبين يشيران إلى أنه، على الرغم من هذه الاختلافات الكرونولوجية والتأويلية، هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى قراءة متشابكة لكتابات ابن خلدون وفيكو.
أولا، من حيث سيرتهما الذاتية، حيث كان لدى المفكرين معا مهن متشابهة في الفقه والتأريخ والخطابة والكتابة.
وثانيا، لكونهما أظهرا، معا، درجة عالية من المعرفة بالمنطق وكتابة التاريخ والبلاغة وعلم اللغة، واستخدما هذه المعرفة في تأملاتهما في التاريخ وظروف الشؤون الإنسانية والسلطة والمعرفة. أخيرا، عمل كلاهما على فلسفة تاريخ العالم بالاستناد إلى النماذج المعرفية لعصريهما بهدف فتح مسارات جديدة لفهم وضع البشر في العالم.