عندما قرر المخزن بناء سجن في الصويرة ، واجهه القناصل الأوربيون المتحكمون في الجزيرة بالرفض، لتندلع معركة دارت رحاها في الأروقة الدبلوماسية.
في بداية 1897، قام المخزن ببناء سجن للدولة بجزيرة الصويرة. ومع أن مبادرته هذه كانت عادية، باعتباره صاحب السيادة المطلقة في البلاد، فإن المجلس الصحي اعتبرها مشروعا مضادا لأحلامه في الجزيرة، فألح عليه إخلاء السجن ثم، بعد تمسكه بحقوقه، أثار ضده ضجة يفهم منها أنه أصبح ينازعه السيادة في عقر داره. وخلال هذا النزاع، تبودلت بين الطرفين مراسلات طويلة وعميقة، وجميع الاقتراحات التي تقدم بها المخزن قوبلت بالرفض من طرف المجلس.
المخزن والمجلس الصحي، وجها لوجه
عندما قام المخزن ببناء سجن جديد للدولة بجزيرة الصويرة في بداية 1897، تحدث محمد الصديقي، في كتابه “إيقاظ السرسرة لتاريخ الصويرة”، عن سبب بناء هذا السجن، فقال: «من سُجِنَ في الجزيرة الأعشاش فرقة من الرحامنة كانوا أعلنوا شق العصا تحت قيادة رئيسهم الطاهر بن سليمان فأوقعت بهم الجيوش المخزنية شر وقعة شنعاء، وأسروا منهم جماعة غفيرة ساقوهم إلى مراكش في الأغلال والسلاسل ثم منها إلى الجزيرة. ولكثرتهم، لم يوجد في الجزيرة محل يجمعهم ويخصهم، فأمر السلطان ببناء سجن الجزيرة فشيد بوسطها سجنا مربعا لا سقف بتربيعه…».، فإن ذلك لم يكن حدثا جديدا، فقد سبق للسلاطين العلويين أن استعملوا الجزيرة لنفس الغرض منذ مدة طويلة. إلا أن الجديد هو أن المجلس الصحي الخاضع لسلطات القناصل الأوربيين أصبح يعتقد أن له فيها “حقوقا” يبررها في نظره ظهير سيدي محمد بن عبد الرحمن الصادر في 10 رجب 1283 الموافق 19 نونبر 1866 والذي جعلها محجرا صحيا للحجاج الموبوئين.
محمد الأمين البزاز، بتصرف
تتمة الملف تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»