شكلت الحركة الفكرية، التي عرفها المغرب خلال القرن العشرين، الإطار التنظيري للحركة الوطنية والنضال الديمقراطي، وأنتجت أسماء كان لها أثر هنا وصدى هناك.
عرفت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين رحلة عدد من المفكرين والفقهاء المغاربة نحو المشرق العربي، للاستفادة من الحركة الفكرية التي كانت مزدهرة وقتئذ، ولمجالسة الأسماء اللامعة التي كان لها أثر واضح في نشر الأفكار النهضوية، لمحاولة تنزيلها على الواقع المحلي، وتوظيفها لحل الإشكالات التي كان يعرفها المغرب سياسيا وفكريا. وفي الوقت ذاته، لم يكن مرور هؤلاء المغاربة عابرا أو للاستفادة فقط، بل كان أيضا للإفادة وتبادل المعرفة والإسهام في هذه الحركة والإضافة النوعية لها، مما ترك لبعضهم أثرا واضحا وصيتا واسعا في مختلف الأقطار والدول، دون أن ننسى أن أثر هذه الحركة بالمغرب وإن كان أصله من المشرق، إلا أنه أنتج إبداعات مغربية كان لها صدى واسع وشكلت إغناء معرفيا سواء بالمشرق أو غيره، بسبب وزنها العلمي وموضوعاتها المختارة بعناية.
الدكالي… مفتيا بالحرم المكي
يعتبر الشيخ أبو شعيب بن عبد الرحمان الدكالي الصديقي رائد الفكر النهضوي بالمغرب، والمؤسس لما عرف بتيار “السلفية الوطنية“، وهي الحركة الإصلاحية التي عرفها المغرب بداية القرن العشرين تأثرا بالفكر النهضوي الذي عرفه المشرق خصوصا بمصر والشام، موظفا ما كان له من مكانة علمية بارزة، وما تولى من وظائف دينية مهمة كالخطابة ووزارة العدل، وما كان له من حظوة عند مختلف سلاطين المغرب، كما استفاد من مختلف رحلاته وطلبه للعلم خارج قبيلته حيث تلقى المبادئ الأولى لتعليمه، بل خارج المغرب كله، فقد مكث بمصر طويلا ودرس على كبار مشايخها في ذلك الوقت كسليم البشري ومحمد بخيت، وتأثر بما كان يدور وقتها من نقاشات حول الإصلاح الديني وسبل النهضة والانبعاث.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 86 من مجلتكم «زمان»