يغوص الباحث والسوسيولوجي عبد الفتاح الزين في هذا الحوار، في ماهية اللعب والتسلية وتمثلاتها في الماضي والحاضر .ويجيب عن علاقة المغاربة والسلاطين بالترفيه وما يسمى ”الوقت الحر”، فضلا عن تحليله لمدى ارتباط ذلك بتطور المجتمعات ومعتقداتها وطقوسها الشعائرية.
بشكل عام، ما هي أهمية اللعب والتسلية في حياة البشرية؟
غالبا ما ننسى أن الإنسان “حيوان لاعب Homo ludens”، وكان أول من انتبه إلى هذا الأمر هو الأنثروبولوجي الهولندي يوهان هويزينكَا (Johan Huizing 1872-1945) حيث قعّد لهذا البعد من خلال دراسة الوظيفة الاجتماعية للعب عبر أطروحة أساسية مفادها أن الثقافة نشأت من خلال اللعب وكلعب في الوقت نفسه أيضا. فاللعب ليس فقط نشاطا معزولا أو لتزجية الوقت والتسلية، إنه نشاط ينقل الإنسان من وضعية كائن حي إلى كائن اجتماعي، ويسهم في بناء الثقافة وتنميتها وتفتّحها على الثقافات المختلفة بل وأكّد على أنه «مهمة جادَّة وجِدِّية». ومع روجي كايْوَى، سينتقل البحث إلى وظائف اللعب ومكانته في الحياة المجتمعية وخاصة من حيث وظيفته التنشيئية والتربوية؛ إذ سيؤسس لسوسيولوجيا قائمة على اللعب من خلال تعريفه بأنه نشاط حر، غير أن له قواعده وفضاءه بل وزمنه، ولا تترتب عنه نتائج في الحياة الواقعية. ومن خلال هذا التعريف المعياري، قدم أربعة أصناف للعب وفق ترتيب ينطلق من اللعب الطفولي إلى لعب الراشدين، وأضاف إلى هذا الترتيب تصنيفا وفق التوجه الاجتماعي العام وما يعتري اللعبة من إفساد.
كيف يمكن رصد علاقة المغاربة قديما بالتسلية والترفيه؟
المجتمع المغربي، مثل سائر المجتمعات، كانت له ألعابه. وقد هَيْكلَ اللعبُ بما هو كذلك الحياةَ الاجتماعية، غير أن هناك، بالنظر إلى ما أشرت إليه سابقا، نقصا كبيرا وعدم اهتمام بالحفاظ على هذا التراث ودراسته وإدراجه في السيرورات التنشيئية والتربوية والتكوينية .وعموما، كان ينظر إليه كنشاط طفولي في تعارض مع الجِدّ بالرغم من أن هناك حديثا نبويا يتم الاستشهاد به، وذلك عندما زجر عمر بن الخطاب قوما من الحبشة كانوا يلعبون داخل المسجد، فدافع عنهم النبي قائلا: «خُذوا يا بَني أرفِدةَ؛ حتَّى يعلمَ اليهودُ والنَّصارَى أنَّ في دينِنا فُسحةً» .وهناك أحاديث وروايات أخرى تستعمل كحجج شرعية في الترافع عن الحق في اللعب.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»