شاع تزويج القاصرات، بشكل كبير، في مغرب العصر الوسيط، لأسباب اقتصادية واجتماعية، في الوقت الذي استنكف الفقهاء عن إصدار فتاوى واضحة.
حسن في البداية التذكير بأن تزويج الصغير أو الصغيرة، وما يرتبط به من صداق وشروط، يعتبر من القضايا التي اختلف في شأنها أصحاب المذاهب، وحظيت بالاهتمام في الفقه الإسلامي عامة، ومصدر أهمّيتها أنها من الأمور الأساسية التي يركز عليها الفقيه والقاضي في إمضاء الزواج. فمنذ القرون الهجرية الأولى، اهتمت المصنفات الفقهية وبعض المقالات الطبية بصحة الفتاة وكل ما ارتبط بها مما له علاقة بالحد الأدنى لسن الزواج، وعلامات البلوغ.
من القاصر في أعين الفقيه والقاضي؟
تداول الفقهاء بالغرب الإسلامي في تحديد سن البلوغ، وقدّموا اجتهادات فيه. وفي هذا الصدد، أورد ابن سلمون أن «حدّ البلوغ في الذكر والأنثى الاحتلام أو الإنبات أو السن»، هذا الأخير الذي أختلف الفقهاء في تقديره بين قائل بثمانية عشر سنة، وقائل بسبعة عشر سنة، وهناك من حدّده في خمسة عشر سنة، والذكر والأنثى في ذلك سواء.
ولئن كان هناك اختلاف وتجاذب في العلامات الدّالة على بلوغ الأنثى، فقد مال ابن الحاج (ت. 529هـ) إلى ترجيح الرأي القائل بأن الإنبات في البلوغ أبين المعايير الثّلاثة، لأنّه «أمر يظهر ويمكن معرفته بالنظر إليه» من طرف القوابل، عكس الاحتلام الذي تصعب معاينته ويمكن كتمانه وادّعاؤه.
محماد لطيف
تتمة المقال تجدونها في العدد 85 من مجلتكم «زمان»