يستحضر محمد متقي الله، الذي كان طالبا في المدرسة العسكرية بأهرمومو، الساعات الأخيرة التي سبقت الهجوم على القصر الملكي بالصخيرات يوم 10يوليوز 1971.
أين كنت في ليلة العاشر من يوليوز 1791؟
كنت في المدرسة العسكرية لضباط الصف بأهرمومو والتي خلفها المعمر منذ عام 1953، وهي المدرسة التي اختار لها موقعا استراتيجيا وأرادها أن تكون نموذجية كالمدرسة الموجودة في فرنسا واسمها «لافليش».
ألم تلاحظوا شيئا مختلفا قبل ذلك اليوم؟
أبدا، لقد كان الليوتنان الكولونيل امحمد اعبابو ملكيا، ولم نكن نشكك في نوايا هذا الضابط السامي الذي أصبح على رأس المدرسة سنة 1968 خلفا للكولونيل البوزيدي. فعلا، كانت تحركاته، في سنة الحادث، كثيفة وكان يغيب عن المدرسة كثيرا، ورغم غيابه كانت الأمور تسير بشكل عاد جدا، إذ وضع قانونا مدرسيا داخليا صارما جدا وعمل على تطوريها بشكل كبير منذ السنة الأولى، فقد اختيرت سنة 1969 لتمثيل القوات المسلحة الملكية في استعراض بالجزائر يوم 1 نونبر، الذي يصادف عيد الاستقلال. وجاء ترتيب المدرسة ضمن الأوائل من حيث النظام والتوازن في المشي والموسيقى المصاحبة. وذلك ما راق الجزائريين حتى أن بومدين ناولنا بعض الدنانير ووشحنا بأوسمة.
لكن هناك من يقول إن نوايا اعبابو كانت واضحة قبل يوم الحادث بكثير.
ذلك ما اجتهد فيه البعض، لكن بعد الحادث، فكيف لي وأنا من مواليد 11 مارس 1951، أي كنت أبلغ بالكاد 20 سنة، أن أشك في مدير مدرسة نتعلم فيها مبادئ حب الوطن والملك والذود عنهما. هنا يمكن أن أذكر أنه في يوم 14 ماي 1971، تقرر أن الاستعراض المناسبتي بمدينة الحاجب، وكنت في الفيلق المكلف بأداء التحية العسكرية، لكن ما أثار استغرابي، دون أن أستوعب الأمر، أنه لما أردنا التنقل تم تزويدنا بأسلحة مختلفة، في حين دأبنا في الاستعراضات على استعمال رشاش يكون فارغا من الذخيرة. قيل لنا إن الجيش سيقوم، في نفس اليوم، بمناورة عسكرية في حضور الملك. وأتذكر أننا غادرنا أهرمومو، في ليلة 13 ماي 1971، وبتنا في أرض خلاء بمدينة أزرو، وتم استيقاظنا على الساعة الثانية صباحا للاستعداد وارتداء الزي، ثم انتقلنا إلى الحاجب لأخذ مكاننا بجنب الفيالق الأخرى. الملاحظة البسيطة هي أن الحسن الثاني لما كان قادما في سيارته ويرد على تحايا الفيالق المختلفة التي كانت تسبقنا في أداء التحية، لكن فيلقنا لم يتلق أمر أداء التحية للملك حتى اقترب الموكب. نحن لم نعط للأمر أي أهمية، لكن بعد 10 يوليوز أدركنا أن اعبابو كان يخطط بالفعل لانقلاب، كما صرحت زوجة الجنرال المذبوح، الذي كان الرأس المدبر للانقلاب، بأن 14 ماي كان هو اليوم الذي حددوه للانقلاب. كما علمنا أن الحسن الثاني تساءل، في نفس اليوم، عن أسباب عدم وجود خفر جوي وطالب من المذبوح أن يستدرك الأمر. ربما ذلك ما دفع المذبوح إلى أن يطلب من اعبابو أن يلغي العملية، ويؤجلها إلى يوم آخر.
حاوره عمر جاري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 14 من مجلتكم «زمان»