حول القناصلة الأجانب المحاكمات التي تورط فيها مغاربة محميون إلى قضايا سياسية بأبعاد دولية للضغط على المخزن، وتحول هؤلاء إلى أشخاص فوق القانون.
عملت القوى الاستعمارية طيلة القرن التاسع عشر على إسقاط سيادة المخزن، وكان نظام الحماية القنصلية من الوسائل الأساسية التي استعملت لتحقيق هذا الهدف. تدريجيا، بات التجار الأجانب المستفيدون من وضع “الحماية” يتمتعون بامتيازات تجعلهم فوق القانون، خاصة وقد بات وضع المخزن ضعيفا، بعد هزيمتي إيسلي وتطوان، لا يسعه الصمود إزاء توسع أعداد المحميين لتشمل كثيرا من المغاربة. ولم يفوت القناصلة الأجانب الفرصة لاستغلال القضايا التي يكون محميون طرفا فيها لابتزاز المخزن. فعندما وقع نزاع بين الحاج عبد السلام التازي، محتسب مراكش، وأحد المحميين الذي كان ينوب عن تاجر بريطاني في المدينة، لم يجد المخزن بدا من اعتقال أحد خدامه أي محتسب مراكش، رغم أن التحقيقات التي أجريت أظهرت سوابق هذا المحمي و«تجاوزاته لأعراف المخزن، وتطاوله على المؤسسات المخزنية بمراكش. وعوض محاكمته وتغريمه، أطلق سراحه»، كما يوضح يوسف أخليص في مؤلفه «القضاء القنصلي ومسألة السيادة في مغرب ما قبل الحماية».
لم يكن تنازل المخزن في هذه القضية، التي تعود أطوارها إلى سنة 1863، لترضي أطماع جون درامون هاي، القنصل البريطاني في المغرب، فزاد من ضغوطه ليضطر المخزن إلى الموافقة على شروطه في ترسيخ الامتيازات القضائية للمحميين من السماسرة والمخالطين.
يونس مسعودي
تتمة الملف تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»