مضت ستون سنة على إعلان استقلال المغرب في 2 مارس 1956. إعلان رسمي سبقه مخاض شاق وتلته مفاوضات عسيرة. عودة لكواليس ومنعرجات هذا المخاض العسير، من خلال وثائق الدبلوماسية الفرنسية، وشهادة امحمد بوستة، أحد المشاركين في مفاوضات الاستقلال.
يدل تاريخ 16 نونبر 1955 على تدشين فترة الاستقلال، ففي هذا اليوم المشهود عاد محمد الخامس إلى عرشه، معلنا نهاية عهد الحجر والحماية. يومها انتهى الاستعمار، عمليا، دون أن يبدأ الاستقلال. ذلك أن استرجاع المغرب لسيادته واستقلاله، في المنطقة الخاضعة للحماية الفرنسية، مر عبر مفاوضات صعبة بدأت قبل 16 نونبر 1955، ولم تنته يوم 2 مارس 1956 تاريخ إلغاء معاهدة الحماية. مسار شاق ظلت خلاله فرنسا متمسكة إلى النهاية بكل ما من شأنه أن يضمن استمرار وحماية مصالحها في المغرب. فكان مفهوم الاستقلال في ظل «الترابط» الصيغة السحرية التي ظهر أنها يمكن أن تحقق هذا الهدف الاستراتيجي بالنسبة لفرنسا في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخها، حين تحول مركز القوة العالمي من أوربا الغربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في مواجهة الاتحاد السوفياتي شرقا.
فما معنى هذا «الترابط» المقترن باستقلال المغرب؟ لماذا يبدو واضحا وغامضا في نفس الآن؟ كيف صار تحديد مضمونه رهينا بجولات من الصراع الدبلوماسي بين المغاربة والفرنسيين طيلة المفاوضات التي تلت إعلان الاستقلال في 2 مارس 1956؟ وكيف اضطرت فرنسا للوصول إلى هذه الصيغة التي تمثل تنازلا عن تشبثها الأكيد، حتى آخر رمق، بمعاهدة الحماية؟
ذلك أن «الأزمة المغربية»، بالنسبة للفرنسيين، لم تكن تعني في البداية سوى أزمة العرش، أي أن تهدئة الانتفاضة الوطنية العارمة التي تصاعدت حدتها بعد عزل محمد الخامس ونفيه في 20 غشت 1953، يقتضي فقط إبعاد محمد بن عرفة الذي نصب سلطانا محله. على أن هذا كان رأي المعتدلين في الحكومة الفرنسية بباريس، فقط، ولم يكن رأي الاستعماريين المتشددين سواء في الإقامة العامة بالرباط أو في الأوساط العسكرية والاقتصادية بفرنسا. في هذا السياق، بدأت مساعي البحث عن صيغة جديدة لحل مشكلة العرش، لعلها تحل الأزمة المغربية برمتها.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»