لعب الشرفاء دورا أساسا في ترسيخ حكم دولة ما، بدءا بالأدارسة، وتمتعوا بنفوذ كبير، حتى وإن كانت علاقاتهم مع الحكام ترواحت بين الشد والجذب في فترات مختلفة.
عرف المغرب هجرات عدة لفروع الشرفاء، خاصة الحسنيين والحسينيين، إبان فترات زمنية مختلفة خلال العصر الوسيط. وإذا كان هؤلاء حظوا بمكانة رمزية وسياسية خلال الحقبة الإدريسية، فإن مكانتهم السياسية، بعدها، ظلت خاملة طوال قرون، إلى أن بزغت من جديد في مدينة سبتة منتصف القرن 7هـ/ منتصف 13م بدعم من العزفيين. حيث أضحى الشرفاء يتمتعون بنفوذ معنوي له وزنه في الحياة السياسية للمدينة.
ما لبثت مكانة الشرفاء أن أخذت في الانتشار في المغرب بإيعاز من المرينيين حديثي الوصول إلى السلطة، وهم الذين كانوا يبحثون عن الشرعية عبر قنوات مختلفة، فوجدوا في الأشراف واحدة من أكثرها أهمية للحصول على مساندتهم في صراعهم الخارجي ضد بني عبد الواد، والاستقلال عن الحفصيين، وصراعهم الداخلي بتحصين الدولة ضد أشكال المعارضة ذات المنطلقات الدينية بالحد من مفعول تيار مهدوية الموحدين وردعه بسبب ما كان لأنصار هذا التيار من اعتزاز بشرف ابن تومرت المنحدر من سلالة إدريس. وكذا بقطع الطريق على الصوفية معارضي النظام القائم الذين كان نفوذهم آخذا في التصاعد، ومزاحمتهم، وإضعاف نفوذهم بشكل أو بآخر، لاسيما أن محبة الرسول وأهل بيته كانت تعتبر ركنا من أركان التصوف الشعبي. إضافة إلى استثمار علاقتهم بالشرفاء لمحاولة ربط الصلة بينهم وبين المجتمع الحضري في فاس خاصة، الذي كان يكن احتراما كبيرا للشرفاء.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»