مرت الآن عشر سنوات على خطاب 9 مارس الاستثنائي والتاريخي، الذي جاء بعد ظهور حركة “20 فبراير” الداعية لإصلاحات سياسية واجتماعية عميقة. الخطاب دشن مرحلة جديدة للمغرب، لكنه فتح بالمقابل مسارا جديدا لـ”حزب إسلامي” طالما تطلع للحكم.
بعد اندلاع شرارة الثورة في تونس ثم مصر، خرج مجموعة من الشباب المغربي يوم 20 فبراير مطالبين بتغييرات جذرية على المستويين السياسي والمؤسساتي. ضمّت الحركة خليطا، بين تنظيمات يسارية وأخرى إسلامية، لم يكن ضمنهم حزب “العدالة والتنمية“. هذا الأخير ومن خلال قيادته، (بنكيران بالأساس)، كان يعبر صراحة عن «معارضة شعارات الحركة وعدم الانجرار وراءها».
بعد يوم واحد فقط من خروج الحركة، أحدث الملك “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي“ يوم 21 فبراير، وعين ضمن أعضائه عضوا من العدالة والتنمية (جامع المعتصم)، ففهمت قيادة الحزب بأنها أولى المبادرات واستبشروا بها خيرا. لم يكن للمؤسسة الملكية أي انحياز لأي حزب أو جهة حينئذ، لكن الحزب ارتأى عدم اللعب على الوتر الحساس ووضع مصير المغرب (والملكية) على كف عفريت، «إذا ما انساقت الجماهير مع الحركات الاحتجاجية»، وهو ما استند عليه في حملته الانتخابية.
ثم جاء خطاب الملك ليشيد بضرورة التغيير على جميع الأصعدة، ولتفعيل ذلك، أعلن محمد السادس عن «إصلاح دستوري شامل، يهدف إلى تحديث وتأهيل هياكل الدولة». دفعت التعديلات، التي أعلنها الملك في خطابه بالحزب الإسلامي، إلى الاستعداد بكل ما أوتوا للظفر برئاسة الحكومة المقبلة “على ما تحمله من بشائر“ .فالحزب طالما طرق باب الحكم بكل الوسائل، إلى أن جاءت تعديلات 2011 الدستورية وشق طريقه المنشود. وبالفعل، منح الحزب فرصة للمواطنين للتعبير عن رفضهم للوجوه السياسية القديمة، فنجح في الانتخابات التشريعية ودخل الحكومة وترأسها سنة .2012
لكن لم تمر إلا أشهرا قليلة من تسيير الحكومة، حتى فشل رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران في الحفاظ على تحالفاته وتوازناته السياسية داخل الحكومة، إذ أعلن حزب الاستقلال، الأقرب إلى مرجعيته، انسحابه من الحكومة واتجاهه للمعارضة. ثم توالت أزمات الحزب الحكومية وصولا إلى سنة 2016 بإعفاء عبد الاله بنكيران من رئاسة حكومية ثانية.
من جهة أخرى، يفتخر “العدالة والتنمية“، ولحد الآن، أن الزلزال السياسي الذي ضرب المغرب ،2017 وأعفى فيه الملك أربعة وزراء من الحكومة ومسؤولين من الإدارات العمومية، لم يطل وزراءه في الحكومة. لكن، ونحن على مقربة من استحقاقات انتخابية جديدة، يعاني الحزب عدة مشاكل داخلية تهدد وحدته، وتهم بالأساس توقيع أمينه العام على اتفاقيات مع دولة إسرائيل، ثم مدارسة الحكومة لمشاريع تقنين “الكيف“. لهذا، ربما سيبحث الحزب عن فرصة استثنائية وظرف تاريخي آخر قد يلوح في الأفق.