مع انتشار الإسلام في المغرب، وجد الفقه المالكي الذي ارتضاه السلاطين لحكمهم، عادات وأعراف تنظم حياة الشعوب والمجتمعات الأمازيغية .فكيف تعايش مصدرا التشريع : الفقه والأعراف؟
اعتاد المغاربة في حياتهم اليومية والمعيشية الاحتكام إلى قوانين وشرائع تكون إما وضعية متوارثة وإما مستوحاة من نصوص دينية. وعبر تاريخهم الطويل، كانوا أمام خيارين، قد يتقاطعان أحيانا أو يتعارضان تارة أخرى؛ أي أنهم احتكموا إلى الأعراف والعادات، وإلى الفقه المالكي الذي ارتضوه لقرون طويلة. يعرّف أهل الاختصاص العرف بأنه ما تعارف عليه جمهور الناس، أي ما اعتادوا عليه من عادات .ويطلق الفقهاء على العرف أيضا صيغة أخرى هي العوائد، وهي جمع عادة. من جهته، يعرّف الفقيه الدمشقي ابن عابدين العادة أنها: «مأخوذة من المعاودة، فهي بتكررها ومعاودتها بعد أخرى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول، متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة حتى صارت حقيقة عرفية، فالعادة والعرف بمعنى واحد». ويضيف الباحث عبد السلام فيغو في دراسته للموضوع، أن العادة كانت وما تزال تقوم بدور مهم في نشوء الأمم وفي حياتهم الاجتماعية، وقد كانت «وحدها أساس الدين والأخلاق والمعاملات». وأما ما يقوله الفقه المالكي عن الأعراف، فإن الإمام مالك بن أنس «كان يعتبر عمل أهل المدينة دليل من الأدلة الشرعية عند عدم وجود النص»، أي أن العادات والأعراف المتبعة من مصادر التشريع عند جمهور المالكية «ما لم تتعارض مع نصوص الشريعة». ولهذا، درج المغاربة الاعتماد عليها في الفتوى والقضاء.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 137 من مجلتكم «زمان»