عاد أحمد الحجري الأندلسي، الشهير بأفوقاي، إلى أوربا مبعوثا من البلاط السعدي، ودون نص رحلة لشاهد على عصر موريسكي عاش كالآخرين تجربته القاسية.
بعد سقوط غرناطة سنة 1492 توالت نكبات ومحن غير المسيحيين بالأندلس، وكان حظ المسلمين من هذه المعاناة وافرا، بدءا بالمضايقة والتمييز القانوني مرورا بمحاكم التفتيش وانتهاء بالطرد والتهجير. تعمقت المأساة بعد إصدار فليب الثاني ملك إسبانيا (1556-1598) مجموعة من القرارات، بإيعاز من البابا، رامت مزيدا من التضييق على الموريسكيين. فتم منعهم من استعمال اللغة العربية، بعد منحهم ثلاث سنوات لتعلم اللغة القشتالية، مع تسليم الكتب العربية في ظرف ثلاثين يوما. كما تم منعهم من ارتداء اللباس العربي إلا ما كان مطابقا منه للباس المسيحيين، وأرغمت النساء الموريسكيات على كشف وجوههن، وترك أبواب بيوتهن مفتوحة أيام الأعياد لمراقبة ما يجري داخلها…
واجه الموريسكيون هذه الإجراءات بالتمرد والعصيان أحيانا، كما حصل فيما عرف بثورة الموريسكيين أو ثورة غرناطة الكبرى، أو بالتقية كما يقول الشهاب الحجري، صاحب الرحلة، في هذا الصدد «وكانوا يعبدون دينين: دين النصارى جهرا ودين المسلمين في الخفاء من الناس، وإذا ظهر على شيء من عمل المسلمين يحكمون فيه الكفار الحكم القوي، يحرقون بعضهم كما شاهدت (…) من عشرين سنة قبل خروجي منها».
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 15 من مجلتكم «زمان»