رغب أبو عنان المريني في الزواج من أميرة حفصية، غير أن المعنية رفضت وهربت قبل أن يصل السلطان إلى تونس.
بَسَط الليل سواده على القصبة، وآوى جميع من في قصر سلطان الحفصيين إلى مخادعهم، وساد صمت رهيب إلا من خَفْق نِعال العَسَس والخَدَم، وأصوات من مجلس السلطان تتعالى أحيانا وتختفي أحيانا أخرى. تَوَلَّت من جناح والدتها تَسْرِي نحو مخدعها خائفة الخُطى، وقد رَاعَها ما بلغها من أخبار، واستجارت بدمع الخوف نَوَى ما هو آت، اختفت غضارة الحياة من وجنتيها، وحل السهد والأرق في عينيها. لم يعد صدر تونس يسمح بالأماني، وتلاشت فسحة الأمل التي بدت مذ غادر السلطان أبو الحسن المريني تونس، واستبد الحاجب شيخ الموحدين عبد الله بن تافراكين على أخيها الصغير السلطان أبي إسحاق إبراهيم. ما عاد بالإمكان أن تحلم بحبيب من بني حفص يقدم لها مهرا من ذهب وإماء وعبيدا، أو فارس وسيم من فرسان أخيها السلطان يلقي على شرفتها وردا أو يرسل مع أمتها قصيدة حب أو غزل.
السلطان يخطب الأميرة
اقتحمت عليها والدتها خلوتها مع حزنها وانقباضها، تطلعت تمعن النظر في تفاصيل وجهها علها تبصر غير ما أحزنها، بدت الأم شاحبة في أعماقها تخفي عينين مثقلتين بالبكاء. «ماذا هناك يا أمي؟ أحقا يطلبني المريني إلى قصره أنا الأخرى؟!»
«نعم يا ابنتي، أخبرني من خرج من مجلس السلطان أن الفقيه ابن مرزوق تقدم لأخيك يطلب يدك لسلطانه أبي عنان. هوني عليك، فموسم الحزن الجديد هذا يجمعنا، وهلمي يا بُنيتي ساعديني نجيب دعوة هذا الداعي، أو نرفض هذه المرة وليكن ما قدر الله أن يكون».
حميد تيتاو
تتمة المقال تجدونها في العدد 42 من مجلتكم «زمان»