مضت ستون سنة على تأسيس “أوطم”. كيف تصدرت هذه المنظمة طليعة الصراع السياسي في الستينات والسبعينات؟ وكيف شكلت مدرسة لأجيال من النخب السياسية؟
جمع إدريس السلاوي، مستشار الملك الحسن الثاني، حوله جمعا من الطلبة في مكتبه بالقصر الملكي بالرباط، ليحثهم على وقف الإضراب الطويل الذي دخلوا فيه منذ سنة 1969. يأخذ الطالب محمد الأخصاصي الكلمة، بصفته رئيسا لـ”الاتحاد الوطني لطلبة المغرب” (أوطم)، فيقع سجال ومفاوضة بين ناطق باسم الطلبة ومستشار الملك، في حضور مسؤولين حكوميين وأمنيين. لعل في مثل هذا المشهد أوضح تعبير على مدى الأهمية التي كان يمثلها الطلبة، من خلال نقابتهم “أوطم”، في المشهد السياسي الوطني آنئذ. على مدى سنوات طويلة ارتقت هذه المنظمة إلى درجة مخاطب مؤسساتي تتحاور معه الدولة، على أعلى مستوياتها فكانت طرفا في المناظرتين الوطنيتين اللتين ترأسهما الملك حول إصلاح التعليم، سنتي 1964 و1970. بل إن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كان ممثلا في أول “برلمان” عرفه المغرب في عهد الاستقلال. فضمن تشكيلة المجلس الاستشاري المعين سنة 1957 كان عبد الرحمان القادري عضوا كامل العضوية، بصفته رئيسا للمنظمة الطلابية.
في حضن بنبركة
على مدى الفترة الممتدة ما بين تأسيسها في 26 دجنبر 1956 إلى غاية حلها في 24 يناير 1973، تصدرت هذه النقابة الطلابية واجهة الصراع حول بناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال، ومثلت في المجمل تطلعات الحداثة. عمليا، كان “أوطم” المدرسة الأولى التي تدربت داخلها أجيال من المغاربة على الانتخابات والديمقراطية التمثيلية، وإن شابها طابع شمولي من منطلق رفعها شعار الوحدة في تمثيل الطلبة، مقابل النقابة الأخرى المنفصلة عنها بعد انشقاق حزب الاستقلال. منذ المؤتمر التأسيسي لـ”أوطم”، ظل الطلبة يدعون كل سنة بمجرد أن تطأ أقدامهم الفضاء الجامعي، لاختيار ممثليهم في مختلف مستويات المسؤولية ضمن أجهزة المنظمة. “التكوين الأكاديمي والالتزام المدني، بمختلف أوجههما، كانا وجهين لمشروع واحد، بالنسبة لنشطاء هذه المنظمة، فالاهتمام بالمعرفة والالتزام في المعركة السياسية كانا مترابطين بالنسبة لمناضلي “أوطم” في تلك الفترة”، كما يشرح محمد العيادي في دراسته حول «الحركات الشبابية في المغرب وبروز أنتلجنسيا سياسية جديدة».
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 39 من مجلتكم «زمان»