في سنة 1969، كان حزب التحرر والاشتراكية على موعد مع الحظر، وهو الذي لم يتم الاعتراف به إلا قبل سنة واحدة. والسبب فهو مشاركة ثلاثة من قيادييه، علي يعته وشعيب الريفي وإسماعيل العلوي، في مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية في موسكو في 5 يونيو من السنة ذاتها. شهران بعد عودتهم، اعتقل الشيوعيون الثلاثة وألقي بهم في السجن، وأصدرت المحكمة حكما بحظر الحزب. حسب قادة الحزب، فإن الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية ووزير الداخلية محمد أوفقير هم من دفعوا باتجاه قرار الحظر. إسماعيل العلوي، الأمين العام السابق للتقدم والاشتراكية وعضو مجلس الرئاسة حاليا، يحكي لـ«زمان» قصة المؤتمر والاعتقال والحظر.
في سنة 1969، شاركتم كحزب التحرر والاشتراكية في مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية في موسكو. ما خلفية هذا المؤتمر وكيف شاركتم فيه؟
كان مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية موعدا للتداول بين جميع أطياف الحركة الشيوعية في العالم، كما جرت العادة بذلك بشكل منتظم، حيث تجرى اللقاءات وتتبادل الرؤى بين الأحزاب الشيوعية والعمالية. ولم يكن الأمر مقتصرا على الأحزاب الشيوعية فقط، بل أيضا الأحزاب العمالية مثل بعض الأحزاب العربية، وتحت الصيغة الأخيرة شارك حزب التحرر والاشتراكية ليس كحزب شيوعي بل كحزب عمالي، إذ إن الحزب الشيوعي المغربي كان محظورا لحظتها. وبالتالي لم يكن من الممكن لنا أن نشارك تحت الاسم القديم، كحزب شيوعي.
ماذا جرى خلال اللقاء؟ وماذا كانت أهمية المؤتمر؟
في ذلك الحين، كان هذا اللقاء مهما للغاية. وكانت أهم القضايا المطروحة هي القضية الفلسطينية، إضافة إلى القضايا المرتبطة بمستقبل المعسكر الشرقي من طبيعة الحال، وتداعيات ربيع براغ سنة 1968. وقد جاء هذا المؤتمر بعد سنتين من حرب 1967. وبالتالي، كان هناك نقاش كبير حول ما إذا كان يجب الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وتشييد دولته المستقلة، أم أن تتم مناقشة قضيته على أنها قضية لاجئين فقط. كان عدد كبير من الأحزاب الشيوعية الغربية ميالة إلى الطرح الثاني ومناقشة القضية الفلسطينية على أنها قضية لاجئين.
ومن بين هذه الأحزاب الحزب الشيوعي الفرنسي. في المقابل، وقفنا لنقول العكس وأن فلسطين قضية شعب وقضية أرض سلبت من أصحابها. وبالتالي يجب أن يكون هناك موقف حازم من المؤتمر للمطالبة بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. لكن للأسف الشديد، كنا ضمن أحزاب قليلة طرحت القضية الفلسطينية بهذا الشكل. كنا ربما نحن والحزب الشيوعي السوداني، فيما كانت الأحزاب العربية الأخرى منساقة وراء الأطروحات المتداولة حينها، والتي كان الهدف منها هو عدم إغضاب الأخ الأكبر، الحزب الشيوعي السوفياتي. وبموقفنا ذلك، نعتنا بالقومية الضيقة والشوفينية.
حاوره خالد الغالي
التتمة في العدد 9 من زمان