يتجدد النقاش والجدل السياسي حول إصلاح وتنظيم الإعلام العمومي السمعي البصري، رغم تراكم التشريعات المتعلقة بهذا المجال منذ بضع سنوات .إلى جانب الأسئلة المعتادة حول الاستقلالية والحرية أصبحت قضية ”القيم” عنصرا جديدا في هذا النقاش.
هل يجدر بالإعلام العمومي السمعي البصري احترام «قيم» محددة في ما يبثه من مضامين أم أن مثل هذا التحديد من شأنه أن يمس بمبدأ حرية التعبير؟ رغم وجود إطار قانوني ينظم قطاع الاتصال السمعي البصري ويخص الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بمهمة الإشراف على احترام هذا الإطار القانوني، يبدو أن النقاش حول الموضوع لم يحسم بعد. فقد شغل هذا السؤال حيزا من النقاش السياسي في الفترة الأخيرة، وأثار الجدل بين الأغلبية، ممثلة في وزارة الاتصال وبعض برلمانيي الحزب القائد للحكومة، وبعض برلمانيي المعارضة ومهنيي الإعلام السمعي البصري ومثقفين وحتى بعض مدراء قنوات تلفزية عمومية. بينما يؤكد الفريق الأول أن الخدمة العمومية تلزم قنوات هذا الإعلام باحترام قيم معينة، يحذر الفريق الثاني من التحكم في الإعلام العمومي وتنميطه وفق منظور إيديولوجي معين. هل نحن فعلا إزاء خطر التحكم في مضامين الإعلام العمومي السمعي البصري من خلال تسييجه بقيم معينة يجب أن تعكسها مضامينه وأخرى ينبغي أن تتجنبها؟ من يحدد هذه القيم؟ من يسهر على مراقبة مدى احترامها من عدمه؟ أم أن الأمر يتعلق بنقاش مفتعل قد يؤدي إلى إغفال مشاكل أخرى يعانيها الإعلام العمومي عامة، والسمعي البصري منه خاصة، وعلى رأسها مشكلة استقلالية الخطوط التحريرية والخدمة الإخبارية؟ خاصة وأن الجهاز التنفيذي نفسه، ممثلا في رئيسه، ما فتئ يشتكي من توظيف بعض القنوات السمعية البصرية العمومية ضده وضد حكومته، بينما يشتكي مدراء تلك القنوات من محاولة الحكومة التحكم في القنوات التي يديرونها. لمناقشة هذه الأسئلة تستضيف «زمان» كلا من مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، ومحمد الأشعري، الكاتب والروائي الذي سبق له هو الآخر شغل نفس المنصب على عهد حكومة التناوب التوافقي باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
حاورهما إسماعيل بلا وعلي والطيب بياض
التتمة في العدد 10-11 من «زمان»