هل المغرب مهدد بأزمة اقتصادية تستدعي سياسة تقشفية كتلك التي اتبعتها الدولة في الثمانينات؟ وكيف السبيل إلى إصلاح ضريبي عادل و متوازن؟ وهل عادت المؤسسات الدولية للعب دور الوصي على المغرب في مجال السياسة الاقتصادية؟
واجه المغرب منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي أزمة مالية واقتصادية خانقة بلغت أوجها عندما عجزت الدولة عن سداد القروض الأجنبية، فاضطرت لاتباع سياسة تقشفية مفروضة من قبل الدائنين الأجانب. اتخذت هذه السياسة عنوانا شهيرا هو “برنامج التقويم الهيكلي” وكانت لها نتائج اجتماعية وخيمة منذ مطلع الثمانينيات. فأمام موجة الغلاء التي تلت رفع الدعم عن بعض المواد المدعمة أسعارها من صندوق المقاصة، خرجت مظاهرات ووجهت بالرصاص في الدار البيضاء ثم مدن الشمال ومراكش.
اليوم يواجه المغرب أزمة مالية، يراها بعض المحللين، شبيهة بما حدث بالأمس القريب، ويعتبرها البعض الآخر بعيدة كل البعد عما عاشته البلاد في تلك الفترة. إزاء هذا الوضع لجأت الدولة مرة أخرى إلى المؤسسات المالية الدولية من خلال قروض وخط للسيولة والائتمان بقيمة 6,2 مليار دولار يضعه صندوق النقد الدولي تحت تصرف الحكومة المغربية. في نفس الوقت انبنى خطاب الإصلاح على تقليص النفقات العمومية من خلال إصلاح نظام المقاصة ونظام التقاعد في الوظيفة العمومية، والنظام الضريبي، وتجميد استثمارات عمومية في مناسبتين خلال سنة 2013. بالنسبة لمعارضي هذه الاختيارات، يتعلق الأمر بنفس السياسة التقشفية التي أدت لأزمات الثمانينيات ودفع ثمنها الفقراء، وبنتيجة حتمية لاختيارات قديمة وأزمة بنيوية. أما بالنسبة للحكومة، يتعلق الأمر بخيارات صعبة لكن ضرورية أملتها المسؤولية السياسية للخروج بالبلد من الأزمة، مهما كانت كلفتها الانتخابية، وتواكبها إجراءات لحماية الفقراء من آثارها السلبية من خلال الاستمرار مثلا في دعم أسعار بعض أنواع المحروقات والدقيق والسكر. فهل كانت للحكومة خيارات أخرى غير هاته؟ وهل تتساوى جميع فئات المجتمع في دفع ثمن هذه الأزمة؟ وهل ما يزال المغرب محافظا على استقلالية قراره الاقتصادي إزاء المؤسسات المالية الدولية؟ هذه الأسئلة يجيب عنها كل من محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، ونجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي والأستاذ الباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة.
حاورهما اسماعيل بلاوعلي والطيب بياض
تتمة المناظرة تجدونها في العدد 6 من مجلتكم «زمان»