كانت معركة الأرك حلقة من بين الحلقات الكثيرة لحروب الاسترداد التي اندلعت مبكرا على أرض الأندلس، ومثلت جزءا من الحروب الصليبية التي زكتها الكنيسة وأسهمت في تمويلها.
على الحدود بين قشتالة والأندلس، وبين قمة الجبل حيث حصن الأرك المشتق من كلمة ألاركوس الإسبانية التي تعني الأقواس، وبين سفوحه الوعرة المسماة بفحص الحديد، والواقعة بين الحصن ووادي آنة جنوب طليطلة، اندلعت معركة الأرك بين قواتالموحدين بقيادة الخليفة أبي يوسف يعقوب المنصور (580-596 هـ/ 1184-1199 م)، وقوات قشتالة بقيادة ملكها «ألفونسو الثامن من قشتالة».
سياق المعركة
ما إن انتهت السنوات الخمس التي توافق عليها الملك ألفونسو الثامن والخليفة يعقوب زمنا للهدنة والصلح، حتى بدأت طبول الحرب تدق من جديد. بينما كان الخليفة يعقوب يواجه الخارجين عليه في بلاد المغرب من بني غانيةوغيرهم، أرسل ألفونسو الثامن جيشا كثيفا للإغارة على أراضي المسلمين في منطقة إشبيلية، فنهبها وعاث فيها فسادا. كانت هذه الحملة استفزازية وتخويفية، ودفعت بكثير من أهل الأندلس وقادة الثغور إلى مكاتبة الخليفة لإخباره باشتداد وطأة العدو، وكثرة غاراته ونهبه. حينها، تروي المصادر، لم يكثف ألفونسو بالإغارة والنهب، بل أتبعها برسالة استهزائية – استفزازية للخليفة الموحدي، يدعوه فيها إلى مواجهته وقتاله، فكان أن قبل يعقوب تحديه، وطفق يتأهب للحرب في الأندلس. ليس هناك إجماع على صحة هذه الرسالة، بقدر ما هناك ميل إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون من باب نمطية الكتابة الإخبارية لجعله مماثلا لما وقع في معركة الزلاقة، حين بعث ألفونسو السادس، حسب المصادر العربية، رسالة استفزازية إلى يوسف بن تاشفين. كما أن هذا الأمر ليس هو الوحيد الذي يمكن تصنيفه من باب النمطية بين الزلاقة والأرك، بل ثمة معطيات أخرى متشابهة بين المعركتين من مثيل الخطة العسكرية، والمبالغة في خسائر العدو، وفرار الملك الإسباني، والحلم المبشر بالنصر… وغيرها مما يصعب تأكيد وقوعه في هذه المعركة، خاصة مع تشابهه، حد التطابق، مع ما روي عن الزلاقة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 3 من مجلتكم «زمان»