أغرت الحماية القنصلية، خاصة في القرنين الماضيين، الكثير من الشرفاء والتجار المغاربة، بل أن وزراء حصلوا عليها أيضا، بما مهد للاختراق الأجنبي التدريجي للمغرب مبكرا.
يمكن تعريف وتحديد الحماية القنصلية بأن يقدم الممثلون الدبلوماسيون والقنصليون المعتمدون في بلد ما على منح حماية دولهم لأهل ذلك البلد. فيصيرون، وهم يحملون جنسيته ويقيمون باستمرار فوق أرضه، غير خاضعين لقوانينه ولا ملزمين بأداء ما يجب على سائر مواطنيهم أداؤه من ضرائب والقيام بما يقومون به من خدمات. وهو ما يعني إمكانية خلق وضع نشاز داخل بلد ما، بإخراج جزء من المنتمين إليه من دائرة القانون والأحكام بمجرد حصولهم على حماية بلد أجنبي، فتنضب الموارد الجبائية وتنكمش يد القضاء وينعدم الأمن. استدعت معالجة هذا الموضوع الشائك والشاسع والمعقد من طرف باحثين منتمين لحقول معرفية مختلفة استحضار مقاربات متعددة يتقاطع فيها الاقتصادي بالاجتماعي والثقافي بالذهني والقانوني بالفقهي، لفك كومة التعقيد التي تلف الموضوع، ولعل أبرز تجلياتها أن يتحول شريف يتبرك به إلى منافح عن الحماية ومنخرط في سلكها، وأن يستجير تاجر من تجار السلطان بحماية أوربية بعد أن أنهت معاهدة 1856 زمن الاحتكار والوصاية المخزنية على التجارة الخارجية، وأن ينتقل موظف مخزني سامي من رادع لانتشار الحماية إلى مستظل بظلها.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 3 من مجلتكم «زمان»