عرف المغرب، باختلاف أصول مكوناته وروافده، أنواعا غنائية توزعت بين أصناف أصيلة ووافدة، تلاقحت مع مؤثرات أخرى جاء بها عرب بني هلال وبني سليم، وزنوج إفريقيا وغيرهم.
ترتبط الثقافات جميعها بالغناء الذي يعبر عن أفراحها وأتراحها، وأقدم ما نعرفه عن الموسيقى المغربية ما أوردته كتب التاريخ عن معهد للغناء أنشأه الملك يوبا الثاني، ولا نعلم شيئا عن المعهد ولا الغناء الذي كان يُعلّم ولا إيقاعاته ولا نوتاته .والمرجح أن الثقافة الشعبية ما تزال تحمل مؤثرات تعود إلى عهود قديمة. تتوزع ضروب الغناء بين صنوف أصلية، أمازيغية بالأساس، تلاقحت مع مؤثرات وافدة، وتثاقفت، وتحولت في بعضها إلى العربية، (كما العيطة التي هي التعبير العربي لما يعرف في الأمازيغية بتزاكيت، أي التوسل)، ومن مؤثرات عربية مع هجرات بني هلال وبني سليم، من حُداء وغناء ملحمي بالناي (تغريبة بني هلال)، وكذا مؤثرات زنجية في جنوب المغرب .وما تزال الثقافة الشعبية تحمل هذه المؤثرات إلى الآن. تتضح معرفتنا بصنوف الغناء المغربي مع الفترة المرابطية وتأثرها بالأندلس، حيث أخذت صنوف الثقافة الأندلسية تنفذ إلى عدوة الجنوب، ومنها الغناء. والغناء الأندلسي محلي بالأساس، أو فلنقل نصراني، يحمل تهدج التبتل الكنسي، وتم تلقيحه بالمؤثر “العربي“، أي الشرق، مع زرياب الذي أحدث ثورة ثقافية في الأندلس، في شتى ضروب الحياة، وكوّن مدرسة مزيجا ما بين المحلي، والعنصر الوافد، من العراق الذي كان يحمل تأثير فارس. ولذلك، تحمل كثير من النوبات (المقامات) تعبيرا فارسيا. والمُقعِّد الثاني للموسيقى الأندلسية الفيلسوف ابن باجة، وقد انتقلت إلى عدوة المغرب منذ العصر المرابطي الموسيقى الأندلسية، ويرفض محمد الفاسي أن يسميها كذلك، لأنها موسيقى مغربية، تمغربت مع وصولها إلى المغرب وحملت مؤثراته المحلية.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»