في التأريخ المغربي، يتجاوز التفسير المعطى للبيعة مجرد إطار لنقل السلطة. إنه أقرب إلى شكل من أشكال العقد الاجتماعي، ولا توجد بدونه حياة اجتماعية أو مدينة.
ينتقل الحكم في المغرب، منذ قرون، من خلال البيعة التي تعود إلى زمن النبي .ويشير المؤرخون المغاربة، خاصة عبد الرحمان بن زيدان في كتابه “العز والصولة في معالم نظم الدولة“، إلى نموذج بيعة الرضوان أو بيعة الشجرة حين بايع الصحابة النبي .في الإسطوغرافيا المغربية، يتجاوز التفسير المعطى للبيعة مجرد إطار لنقل السلطة .إنه شبيه، في الأحكام السلطانية، بشكل من أشكال العقد الاجتماعي. ويرى المؤرخ عبد الله العروي في عملية البيعة استنساخا لنظرية توماس هوبز حيث القوة، التي تتركز في يد شخص واحد، تمنح الخلاص العام عبر ضمان الأمن الجماعي والأمن الفردي، أي “الأمن والأمان“ كما في التقليد الإسلامي.
يشبه غياب السلطة الذي يتجسد بفراغ السلطة أو تشتت القوى، في التقاليد الإسلامية، نوعا من الجاهلية. إنه أبغض الأشكال وأكثرها كرها. إنه شكل من أشكال الطبيعة، مرادف للهلاك، ولا يمكن أن يؤدي إلى الخلاص سواء هنا في الدنيا أو هناك في الآخرة، كما كان سائدا قبل الإسلام. الجاهلية لا تعني فقط الحقبة التي سبقت مجيء الرسول، بل هي أي وضع سياسي يتسم بغياب السلطة المنظمة. هناك مجموعة كاملة من الأقوال المنسوبة إلى النبي، التي تدعم هذه الفرضية في الأدبيات المتواضع بشأنها.
الحاكم الظالم أفضل من العيش في الجاهلية. والمسلم الصالح ليس عليه أن يؤيد حالة الفوضى أو الفتنة. لقد كرس التقليد المغربي هذا الاهتمام بالأمن الذي يتم تذكره في نهاية كل خطبة صلاة الجمعة، بالدعاء أن ينصرا لله السلطان وأن يهدئ الأوطان.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 94-95 من مجلتكم «زمان»