طور أهل الواحات، منذ القديم، تقنيات لتخزين المواد الغذائية وكل الضرورات التي تساعد على الصراع من أجل البقاء. “زمان” تقدم هنا نموذج واحة فزواطة.
تمثل الواحات نقطا أو أشرطة خضراء جميلة تستقر، في العادة، وسط محيط مختلف ومعاد، وتعتمد في حياتها على ماء قليل تجود به جبالها القريبة أو فرشاتها الباطنية السطحية أو التاريخية. وتختص الواحات بتنوع إنتاجها وتعدده بفضل نشاط إنسانها وحيويته وإرثها التاريخي العريق، لكنه إنتاج، وإن كان جميلا ولذيذا، قليل لا يسد إلا نسبة قليلة من حاجيات ساكنتها. لذلك، بحث الإنسان الواحي عن حل لمعادلة قلة الإنتاج/الاستجابة للحاجيات. وقد هداه فكره وخبرته إلى حلين رئيسيين: الحرص والتخزين، إنه حسن التنظيم. وتمثل واحات درعة عامة والوسطى منها خاصة نموذجا لهذا التوازن العجيب. ولأن هذه الجوانب من الحياة اليومية لا تحظى بعناية ولا يهتم بما يخصها لتسجيله وتوثيقه، فقد تقمصنا دور الإثنوغرافي مستعينين بمعرفتنا بالمنطقة، كواحد من أهلها، فالتقينا السكان وسألناهم، واستقصينا عن عادات اندثرت، وعاينا أخرى ما تزال حاضرة بشكل كامل أو في طور التحول معتمدين على خبرتنا في ميدان البحث للخروج بصورة تقريبية عن ظاهرة التخزين في الواحات وبالضبط في واحة فزواطة في درعة الأوسط. وسيمر تناول الموضوع عبر التعريف بالواحة أرضا وساكنة، وتحديد ملامح النظام الأمني بها، ثم التعرض للتخزين من مختلف جوانبه.
واحة فزواطة، المجال والناس
تقع واحة فزواطة جنوب شرق المغرب في درعة الأوسط على بعد حوالي 160 كلم من مدينة ورزازات، وتمتد ما بين مدينة أمزرو عند فج بين الزواگر (الملاصق لمدينة زاگورة في شمال الشمال الغربي) وبني علي عند فج فم تاقات (شرق الجنوب الشرقي) على مسافة حوالي أربعين كلم على الطريق الوطنية رقم 9.
محمد حقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 84 من مجلتكم «زمان»