بعد وفاة السلطان أحمد المنصور الذهبي، نجح جاسوس إسباني في التسلل إلى بلاط المغرب وأضحى من حاشيته .لكنه لمّا خبر أوضاع المغرب جيدا، خطط لاحتلاله وإلحاقه بالمملكة الإسبانية.
في خضم الاضطرابات التي شهدها الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط والسواحل الأطلسية للمغرب خلال القرن 16م، وكذا طرد المورسكيين من شبه الجزيرة الإيبيرية، طغى منطق الاحتراس على العلاقات بين دول المنطقة. سعى المغرب في هذه الفترة، لا سيما زمن حكم السعديين، لأن يبقى محتاطا في جميع علاقاته مع أبناء ملته أو الأجانب من العالم المسيحي. ومع ذلك، استطاعت الجاسوسية، باعتبارها من أنجح الوسائل المعتمدة في التاريخ السياسي، من اختراق البلاط السلطاني المغربي، مثلما فعل العثمانيون وخاصة الإسبان.
من خلال هذه السطور، سنقف مع أحد أهم الجواسيس الإسبان اللذين استطاعوا التوغل في المغرب منذ سنة ،1604 ومرافقة سلطان المغرب، هو الجاسوس خورخي “دي هنين” (Jorge de Henin) الذي تحولت مهمته من الجاسوسية إلى الرغبة في خلع السلطان والاستيلاء على عرشه. قبل قدوم “دي هنين“ إلى المغرب، بالتحديد في النصف الثاني للقرن السادس عشر، ما فتئ العثمانيون يحاولون كسر شوكة المغرب وضمه إلى إمبراطورتيهم .وبعدما تعذرت عليهم الوسائل العسكرية، توجهوا إلى وسيلة اختراق سدة العرش، وذلك بادعاء بعض الجنود الانكشاريين انسلاخهم عن بيعة العثمانيين وقدومهم لمبايعة السلطان السعدي محمد الشيخ. وفي خضم عداوته مع آل عثمان، استأمنهم الشيخ، بل ورحب بهم وجعلهم ضمن حرسه الخاص. تذكر المصادر أن هؤلاء الجنود تحيّنوا اللحظة المناسبة وانقضوا على الشيخ وقتلوه ثم لاذوا بالفرار، مما تسبب في الواقعة التي عرفت بمعركة وادي اللبن بين المغاربة والعثمانيين.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 111 من مجلتكم «زمان»