برز اسم امحمد بن سليمان الجزولي كعلم بارز من أعلام التصوف المغربي، في وقت استشرت فيه أزمات بالمغرب، وحاول من جهته تقديم بدائل لإنقاذ البلاد والعباد.
تسمت الولاية والصلاح بمغرب القرن 9هـ/ 15م بنوع من التفرد أملاه الواقع التاريخي الذي أضحت عليه البلاد، والمتمثل أساسا في ضعف السلطة المركزية بفاس وانحسار إشعاعها ونفوذها من جهة، وفي التهديدات الإيبيرية المتربصة بالسواحل المغربية من جهة أخرى. أفضى الوضع المرتبط بظهور الزعامات المستندة على الولاية والصلاح في الجنوب المغربي، مع بداية تشكل ملامح المشروع السعدي كسلطة بديلة للوطاسيين، إلى صعود نجم بعض الشخصيات الصوفية التي كان لها دور كبير في نجاح هذا المشروع، وضمان قاعدة شعبية واسعة له، وقد كانت الهالة التي خلفوها وهم أموات أكثر مما كانت لهم وهم أحياء. وفي هذا السياق، يبرز اسم الشيخ امحمد بن سليمان الجزولي كعلم بارز من أعلام التصوف المغربي والإسلامي.
انبثقت التجربة الصوفية للإمام الجزولي كنتاج للتراكم الحاصل من خلال مجهودات رجالات التصوف السابقين الذين سعوا إلى خلق بدائل لإنقاذ البلاد والعباد من الأزمات المستشرية في المجتمع. فعملوا على تأسيس زوايا أسهمت في تأطير المجتمع من خلال الأنشطة الدينية والتعليمية والسياسية والجهادية التي أصبحت تُؤسس من أجلها، وكانت المناطق القريبة من الخطر الأجنبي والبعيدة عن مركز السلطة أكثر الجهات التي انتشرت فيها هذه المؤسسات برعاية رجال التصوف، الذين أصبحت لهم سلطة دينية ودنيوية لم يعد بمقدور السلطة السياسية الحاكمة الاستهانة بها.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 40 من مجلتكم «زمان»