أذكى الخصاص الجنسي لدى الجنود المغاربة حدة التذمر لديهم من كثرة الغياب عن زوجاتهم، وأفضى، إضافة إلى أسباب أخرى، إلى تذمر الجند وفشل بعض حملات الجيش المغربي.
كانت أبيات نظمها الكفيف الزرهوني، في شأن حملة السلطان أبي الحسن المريني إلى بلاد إفريقية (تونس) وما أفضت إليه من نتائج، أصدق قولا وتقديما، لطرح قضية أساسية لطالما أغفلها الباحثون في تفسير بعض من هزائم الجيش المغربي خلال العصر الوسيط عامة، وفي أواخره خاصة، وتتمثل في تذمر الجند من كثرة الغياب، وطول مدده، وما نتج عنها من تخاذل وجر نحو الهزيمة في بعض الحالات.
الأكيد أن ثمة أسباب كثيرة لإخفاقات الجيش المغربي خلال المرحلة المدروسة، بعضها ظرفي مرتبط بخصوصية كل حملة على حدة من حيث الظروف السياسية والاقتصادية المحيطة بها، وبشكل الاستراتيجية المتبعة فيها، بل وبمستجدات هذا العصر مقارنة بسابقه من حيث القوة والعدد، على أننا نعتقد أن بعضها الآخر هيكلي مرتبط بطبيعة الحملات العسكرية المرينية، ومدى تكيف الجنود مع سير هذه الحملات، وعلاقتهم بوسطهم الاجتماعي وبأسرهم وذويهم، وهو ما يعنينا كثيرا في هذه القراءة.
تحمل تلك الأبيات، وغيرها من النصوص المتوفرة، في طياتها عناصر لابد من إدخالها في الاعتبار عند دراسة الأسباب العامة لنجاح أو فشل المشاريع العسكرية للجيش المغربي خلال المرحلة المدروسة، عناصر يرتبط بعضها بمدى تكيف الجنود مع «الحياة العسكرية» اجتماعيا ونفسيا، وكذا علاقاتهم بوسطهم «المدني»، وبجماعاتهم الأولية والمتضمنة لمجال انتمائهم القبلي أو الحضري ولأسرهم وذويهم، وخاصة زوجاتهم. وجميعها عناصر أساسية تكشف عن حدة مشكل الغياب بالنسبة للجنود، مما يدفع إلى التنقيب عن دوافع هذه الحدة، وما يحيط بها. على أن اهتمامنا سيقتصر في هذه المقالة على مسألة الجنس لدى الجنود، ودوره في إذكاء حدة التذمر لديهم من كثرة الغياب. مع التأكيد أن ثمة أسباب أخرى بعضها اقتصادي وبعضها سياسي، أفضت مجتمعة إلى تذمر الجند وفشل بعض الحملات.
حميد تيتاو
تتمة المقال تجدونها في العدد 16 من مجلتكم «زمان»