ما هي الحريات العامة؟ وما هي سياقاتها التاريخية ووضعها القانوني بالمغرب؟ وكيف ترتبط الحريات بحقوق الإنسان؟ وهل الحريات العامة تتعارض مع الحريات الفردية؟ وكيف يتم تدبيرها في إطار الدستور؟ وهل تتغير الحريات مع تغير الأوقات والأجيال؟ هذه بعض الإجابات لبعض الإشكالات.
يرتبط الحديث عن “الحريات العامة“ بمجالات فلسفية وتاريخية وقانونية تحدد مفهوم الحرية وميدان ممارستها .لكننا هنا سنركز على الارتباط الوثيق للحريات بالقوانين والحقوق والسهر على تطبيقها. في المغرب، ظهرت بوادر المطالبة بالحريات العامة مبكرا مع بداية القرن العشرين. كما نادى رواد الحركة الوطنية بتلك المطالب وتشبثوا بمبادئها. وبعد بزوغ فجر الاستقلال، أصدرت المملكة ظهائر شريفة بمثابة قوانين مؤطرة للحريات العامة، قبل أن تتلوها مرحلة الدساتير التي تعتبر إطارا لا يمكن الخروج عنه داخل دولة الحق والقانون.
لم ينفصل موضوع الحريات العامة والفردية عن تاريخ مفهوم الحرية كما عرفته البشرية. وقد خضع المفهوم، رغم كونه «حقا طبيعيا قبل كل شيء»، لسياقات تاريخية تحكمت في تجلياته وواقعه. فبعدما هيمنت مرحلة الاستعباد طويلا على المجتمعات، انتقل العالم إلى مرحلة “التحرر“، حيث أضحى الفرد ينادي وسط مجتمعه «بحق امتلاك نفسه». ثم جاءت مرحلة يسميها الباحثون مرحلة القوانين والدساتير من خلال أحداث الثورة الفرنسية سنة 1789 والإعلان الفرنسي لحقوق المواطن. تلاها بعد أزيد من قرن ونصف، لحظة الإعلان عن حقوق الإنسان سنة 1948، الذي كفل الحريات وجعلها في مصاف الحقوق التي يحظر تجاوزها.
تعرّف الباحثة الأكاديمية رقية المصدق الحرية العامة، في الإطار القانوني، «بأنها مظهر خاص للحرية بصفة عامة، منظمة قانونيا بواسطة النصوص الوطنية الدستورية والتشريعية والتنظيمية وكذا الدولية، وتخضع لحماية قانونية فعلية». وأما عن نعت الحرية بالعامة، أي جعلها مرتبطة بما هو عام، فإن «هذا النعت لا يعني، أولاً، أن هناك حريات تستند إلى ممارسة جماعية، كحرية التجمع والاجتماع والإضراب، مقابل أخرى شخصية كحرية التعبير والمراسلة والمعتقد .كما لا يعني، ثانيا، أن هناك حريات تستند إلى ممارسة علنية كحرية التعبير مقابل أخرى شخصية وحميمية كالمراسلة والمسكن»، أي أن الحرية عموما غير مجزأة.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»