لم تكن إسبانيا بلدا قويا قد ينافس إنجلترا أو فرنسا، لكنها مع ذلك، تمكنت من أخذ نصيبها من الكعكة المغربية، ورأى فيها أهل الريف وجبالة بلدا أوربيا متقدما، يمكن أن يساعدهم على الخروج من دائرة الفقر والتخلف.
كان نظام الحماية الإسبانية مختلفا في السياق الاستعماري للنصف الأول من القرن العشرين، فإسبانيا لم تكن وقتها دولة استعمارية متمرسة في التوسع الإمبريالي المُمَيِز للاقتصادات الرأسمالية الصناعية الكبرى مثل إنجلترا وفرنسا، بل كانت دولة تعاني من مشاكل سياسية داخلية واقتصاد منهك بفعل الحروب الأهلية في القرن ،19 وخسارة آخر مستعمراتها الأمريكية سنة .1898 لهذا، يحلو للمؤرخين الإسبان توصيف الحماية الإسبانية بكونها استعمار الصدفة ناتجا بالأساس عن رغبة إنجلترا الجيو–سياسية بإنشاء منطقة عازلة بين فرنسا الإفريقية ومستعمرتها في جبل طارق .ومع ذلك، ظلت إسبانيا تمثل في عيون النخبة المحلية، في الريف وجْبالة، بلدا أوربيا متقدما قادرا على انتشال البلاد من تخلفها، وتحديث دواليب الإدارة والحكم في المغرب الأقصى، الذي كان ينتحر على يد ثواره، كما أوردت المصادر العربية بكثير من التفصيل.
في هذا السياق التاريخي غير المستقر مع ضعف السلطة المركزية والضغط الاستعماري، لم تكن العلاقة بين الإسبان والمغاربة دائما علاقة صدام، وبالتأكيد لم تتحول إلى اندماج أو تعايش، وهذا ما يمنح التاريخ الاستعماري أهميته البحثية. فبعد عقود من نهاية هذه المرحلة الصاخبة سياسيا وعسكريا، حان الوقت لدراستها بشكل علمي بعيد عن التحيزات الإيديولوجية أو الاستخدام السياسي.
سعيد الغازي
تتمة المقال تجدونها في العدد 103 من مجلتكم «زمان»