صانت الأمثال الشعبية إسهامات المرأة العملية وسط مجتمع يختزلها في القبول الطوعي على تحمل المسؤوليات بقناعة ودون نقاش.
تميزت المصادر والمؤلفات التاريخية المحلية بالابتعاد عن إثارة الحقائق اليومية العميقة للمجتمع حتى السنوات الأخيرة، وأضحت الذاكرة الجمعية تختزل دوما في الصفة الذكورية للفعل، مدرجة تلقائيا ما دَوَّنَ الرجل في التاريخ المسكوت عنه؛ بصورة جعلت الشطر الثاني من المجتمع، أي المرأة، أكبر المتضررين من هذا الإغفال، وأكبر المغيبين، رغم إسهاماتها الطبيعية والضرورية في صياغة الأحداث وخلقها. إذ باستثناء الصياغة الموفقة لمؤلف “وصف إفريقيا” للحسن الوزان، ولمؤلف “إفريقيا“ للمؤرخ الإسباني المتأثر به، مارمول كاربخال خلال القرن 16م، لم يحظ إسهام المرأة في تاريخ المغرب إلا بالنادر من الفقرات، خصصت غالبيتها لتناول أعلام بارزة من نساء علية القوم.
ومن حسن الحظ أن الثقافة الشفاهية كانت في الغالب أكثر إنصافا وغنى من الثقافة العالمة في تتبع حياة المرأة وظروف عيشها وإسهاماتها وإبداعاتها، بغض النظر عن قيمة الأحكام التي تسدلها عليها؛ ونخص في هذا المقام المثل الشعبي كمادة خام بمقدور معالجتها بترو وموضوعية نفض جزء هام من الغبار الجاثم على سجل المرأة في خدمة المجتمع، وفي تنميته اجتماعيا واقتصاديا، وفي تبيان الأهمية الفائقة التي اضطلعت بها وما تزال في تدبير أمور المجتمع انطلاقا من قاعدته الأساسية: الأسرة، مثلما في التفاعل مع الواقع العام بشروطه المختلفة.
حسن أميلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 89 من مجلتكم «زمان»