بدأت العلاقات السياسية بين المغرب والسعودية تتقوى خلال النصف الثاني من القرن العشرين وبلغت ذروتها خلال عهد الملك السعودي فهد، لكن قبل ذلك ربطت الفضاءين علاقات روحية ودينية هامة ساهم فيها بشكل كبير العالم أبو شعيب الدكالي.
إن الروابط بين سلاطين المغرب وآل سعود الذين حكموا نجد ابتداء من أواسط القرن الثامن عشر، قبل تأسيس الدولة السعودية كما نعرفها اليوم، لا تعود إلى القرن العشرين. بل هناك حدث ثقافي وديني مرجعي بصم أذهان علماء فاس في بداية القرن التاسع عشر. ويتعلق الأمر برسالة سعود بن عبد العزيز إلى السلطان العلوي مولاي سليمان وإلى المغاربة، والتي يدعوهم فيها بشكل ضمني إلى تبني الوهابية ونبذ ومحاربة الزوايا والخرافات وعبادة المقدسات الوثنية (القبور، الأضرحة).
كلف السلطان، الذي كان هو الآخر عالما، أساتذة في القرويين بإعداد جواب على ملك نجد. بل أرسل السلطان المغربي، الذي كان مهتما جدا بالمبادرة السعودية، بعثة بقيادة ابنه إبراهيم، تم استقبالها بحرارة من طرف العائلة الحاكمة والملك بنفسه.
جمع نقاش ديني معمق بين الفقهاء الوهابيين والمغاربة. وقد قال المغاربة إنهم لا يرون أية مشكلة في الوهابية وفكرتها الرئيسية المتمثلة في العودة إلى الأصول والسلف الصالح. غير أنهم سجلوا بعض المبالغات والتطرف في تحريم ومنع عدد من الممارسات من قبيل زيارة الأضرحة والقبور. ورد الوهابيون على ذلك بأن هذا المنع يستهدف العامة من الشعب، التي تتبع ما ترسخ في ذهنها من جهل وغلو. وكان المغرب في ذلك الوقت، يعرف نشاطا وانتشارا كبيرا للتصوف الشعبي المماثل لذلك الذي كان يحاربه الوهابيون في بلادهم. إن العقيدة الوهابية متصلبة كما يقول البعض، وتشبه في تصلبها طبيعة تكوين نجد الجغرافي حيث ولد هذا المذهب. ولإعطاء نموذج عن هذه الاعتقادات الخرافية خلال تلك الفترة، يمكن سرد مثال الشيخ أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة التيجانية، والذي كان مقربا جدا من السلطان مولاي سليمان. ففي يوم من الأيام، دخل التيجاني إلى مسجد في مدينة فاس، وفوجئ وهو يجد الفقيه الشهير الطيب بنكيران يعطي درسا في تفسير القرآن، هرع التيجاني على الفور لتحذير السلطان: «مثل هذا العالم يدرس تفسير القرآن؟ سيكون ذلك وبالا وخرابا على الأمة والسلطان».
المعطي منجب
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»