كيف تفاعلت الزوايا المغربية مع الاحتلال الفرنسي، منذ فرض الحماية سنة 1912إلى غاية الاستقلال سنة 1965؟ وهل شكلت الزوايا فاعلا مقاوما للاستعمار، أم تحولت إلى وسيلة لضبط المجتمع في خدمة الإدارة الكولونيالية؟ وما هي المرجعيات الفقهية التي استندت إليها الزوايا في تبرير مواقفها، سواء في الجهاد أو في الطاعة؟ وكيف تطورت علاقة الزوايا بالحركة الوطنية والعرش، خصوصا خلال مرحلة أزمة السلطان ونهاية الحماية؟
منذ أن فرض نظام الحماية الفرنسية على المغرب سنة ،1912 وُضعت الزوايا –باعتبارها مؤسسات دينية واجتماعية عريقة– أمام لحظة فارقة في تاريخها، فقد مثل الاحتلال تحديا مباشرا لمكانتها التقليدية كوسيط بين المخزن والرعية، وفرض عليها إعادة تعريف علاقتها بالسلطة والشرعية والفضاء العام. وقد توزعت مواقف الزوايا بين مقاومة صريحة دينية أو عسكرية، ومهادنة حذرة، وولاء معلن للسلطات الاستعمارية، كل بحسب موقعه التاريخي ورهاناته الفقهية والاجتماعية، إذ تكشف هذه المرحلة عن تعقيد بنية الزاوية المغربية، وعن تفاعلها المرن أو المتوتر مع سلطة دخيلة سعت إلى إعادة تشكيل المجال الديني برمّته. مع بداية التوغل الفرنسي المباشر في المغرب سنة ،1907 عبر احتلال مدينة وجدة ثم الدار البيضاء، بدأت الزوايا المغربية تجد نفسها أمام واقع جديد غير مألوف في علاقتها بالسلطة والفضاء العام. فقد كانت الزوايا طيلة قرون تحظى بمكانة رمزية ودينية قوية، تمارس التأثير في القبائل، وتشكل حزاما وسطيا بين المخزن والقبائل، لكنها لم يسبق لها أن واجهت قوة أجنبية مباشرة تتحدى هذا التوازن. في هذه اللحظة، برز نموذج الزاوية الشيخية بزعامة الشيخ ماء العينين باعتباره من أوائل من أعلنوا رفضهم الصريح للتوغل الفرنسي، فقد وجّه رسائل إلى السلطان عبد العزيز يحثه فيها على إعلان الجهاد، ويعبر عن قلقه من العجز أمام تمدد الاحتلال .وقد نقل محمد المنوني في كتابه “مظاهر يقظة المغرب الحديث“ أن الشيخ ماء العينين كتب في إحدى رسائله أن «الساكت عن المنكر شيطان أخرس»، مطالبا السلطان بالتدخل ومواجهة المحتل.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 140 من مجلتكم «زمان»