كان الصدر الأعظم صاحب السلطة المطلقة في كل مفاصل الدولة، كما كان الواسطة مع القبائل والزوايا، قبل أن تتعزز مؤسسته بميراث الحماية
تفيد كتب التاريخ أن الوزير جعفر البرمكي استبد بالأمر، وجعل أقاربه والخُلّص من أتباعه في المواقع الحساسة، حتى أضحى الخليفة هارون الرشيد صورة ليس إلا. غضب آل بنو عباس ألا يكون لهم من الأمر إلا الصورة، وأن تدار الأمور باسم الخليفة، وتُدبّر باسمه، وليس له من الأمر إلا الأبهة والصورة والرسم، أي البرتوكول بلغة العصر. وتشير كتب التاريخ، مثلما أورد ابن خلدون، إلى أن آل عباس دسوا للخليفة قينة (جارية تحسن الغناء) حفّظوها بيتا من شعر عمر بن ابي ربيعة، في ساعة متعة، ورد فيه الشطر التالي: «إنما العاجز من لا يستبد». أخذت الجارية تكرره كي ينفذ للخليفة، من أجل أن يضع حدا لسطوة البرامكة. ويَشفع المؤرخون أن هارون الرشيد من حينها بطش بجعفر وتعقب أهله وأتباعه فيما يعرف بنكبة البرامكة. يهزأ ابن خلدون من هذه الرواية طبعا. ولكن الذي يهمنا منها، في سياق الحضارة الإسلامية، تلازمُ كل حكم وراثي مع وزير مستبد. غالبا ما تكون نهاية الصدر الأعظم، أو الوزير، أو الرجل القوي مأساوية، لأنه يعدم الشرعية. وقد تسول له نفسه أن ينقلب على السلطة القائمة، كما حدث مع ابن عامر في الأندلس.
تتمة المقال تجدونها في العدد 63 من مجلتكم «زمان»