كيف تأسست الطريقة الكركرية وكيف كانت ظروف نشأتها؟ وكيف تدبر شؤونها التنظيمية والمالية؟ وما أهم المبادئ والأفكار التي تقوم عليها؟ وما هي امتداداتها الجغرافية والخارجية؟ ولماذا ينقم عليها المعارضون والمنكرون؟
إذا كانت الطرق الصوفية الحديثة قد توارت نسبيا عن الأنظار، بسبب تركيزها على مهامها الروحية والاجتماعية، وعدم اشتغالها بالقضايا الإشكالية التي تستقطب المتابعة على وسائل الإعلام والتواصل، فإن الطريقة الكركرية منذ نشأتها الحديثة وهي تثير الجدل والنقاش بين معجب ومستغرب ومستنكر، سواء فيما يتعلق بطقوس الجماعة ولباسها وتمويلها وأنشطتها المختلفة، أو ما يرتبط بشخصية شيخ الطريقة وصوره التي يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي. الطريقة الكركرية هي إحدى الزوايا الصوفية الحديثة بالمغرب التي تأسست بين سنتي 2006 و2007، ومقرها الرئيسي بقرية لحويسية قريبا من مدينة العروي بإقليم الناظور، وسميت بذلك نسبة إلى مؤسسها الحالي “الشيخ محمد فوزي الكركري المنتسب إلى آل بيت النبي“، وأصل هذه الكنية عائد إلى استقرار الجد الخامس للشيخ والمعروف بمحمد بن قدور الوكيلي الكركري بجبل قريب من مدينة العروي يدعى “كركر“ بجماعة “أفسو“ القروية التابعة لقبيلة أيت بويحيي الريفية بإقليم الناظور. ويروي أتباع الزاوية أن هذا الشيخ الشريف المنتسب إلى “بني وكيل“ ضواحي الناظور تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن بقبائل لقليعة، وأنه كان يوما يكرر لفظ الجلالة حتى نزل به الحال وغشي عليه، فظن الفقيه أنه قد مات ففر من المسجد، ولما أفاق بن قدور خرج هائما على وجهه حتى دخل الجزائر، وهناك التقى رجلا قيل عنه أنه من “أهل لله“، فأرشده إلى أن حاجته عند القطب محمد بن عبد القادر الباشا في الغرب ببلاد الخروب أحد تلاميذ الشيخ العربي الدرقاوي، فعاد إلى المغرب واتصل بالشيخ المذكور، إلا أن أقارب هذا الشيخ حسب الرواية نفسها حسدوا الرجل على مكانته وقربه، فأمره بالرجوع إلى بلدته “بني أوكيل“، وهناك اشتغل بالذكر والدعوة، إلا أن مكوثه لم يدم طويلا بسبب خلافات بينه وبين إخوانه الذين قيل إنهم دسوا عليه من يقتله، فخرج فارا مع أهله وأتباعه، حتى بلغوا جبل كركر. فقال لهم : «هذا هو المستقر إن شاء لله»، ونزل بالجبل وبنى به مقرا للزاوية الدرقاوية سنة 1844م، ومات بها ودفن، وأصبح أحفاده بعده يعرفون بـ«الشرفاء الكركرييين»، وبقي اسم “الكركري“ يتوارثه الأحفاد حتى وصل إلى الشيخ الحالي الذي أطلق على طريقته اسم “الكركرية“.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 133 من مجلتكم «زمان»