خلال احتلال المغرب، بدت طموحات الإدارة الفرنسية تتجه نحو احتواء الجيش المغربي وتأطيره، وفوق كل هذا، عملت على خلق نخبة عسكرية مكونة من رجالات المخزن وذويهم.
مع فرض نظام الحماية على المغرب سنة ،1912 تركزت أهم مشاريع المقيم العام هوبير ليوطي حول تفكيك “القوات الشريفية“ واستبدالها بالقوات الاحتياطية المغربية (الجيش المغربي) لتصبح تحت إمرة مباشرة للقيادة الفرنسية .كما راهن ليوطي على تخريج نخبة عسكرية من أبناء الأعيان ورجالات المخزن، وذلك من أجل تسيير أهم الإدارات والوزارات بالمغرب مستقبلا. لذا، في سنة 1919، قام بإنشاء مدرسة اعتبرت أول مدرسة لتخريج الطلاب العسكريين بالمغرب، وهي مدرسة “الدار البيضاء“ بمدينة مكناس. وقد اضطلعت هذه المدرسة والمتخرجون منها بأدوار كبيرة داخل الجيش الفرنسي في معاركه داخل ربوع البلاد وخارجها؛ منها حرب الريف والحرب العالمية الثانية.
في مستهل القرن العشرين، بدأت القوات الفرنسية تتغلغل داخل جهاز المخزن، وتربط علاقات مع القصر، بدعوى المساعدة على الإصلاح العسكري بالخصوص، وإنهاء الخلافات، ووأد الثورات بالبلاد، وذلك بناء على اتفاقيات أبرمت بين السلطان والحكومة الفرنسية. وفي سنة ،1910 أي قبل سنتين من فرض الحماية، أصدر السلطان «ظهيرا يقضى بإعادة النظر في شروط الانخراط في الجيش، وتنظيم فرقه على أسس عصرية متينة»، وأسندت المهمة، كما يذكر المؤرخ عبد الحق المريني، إلى بعثة عسكرية فرنسية مؤلفة من 13 ضابطا. وقد ساعدت تلك الفرقة جهاز المخزن لإعادة الاستقرار وقمع النعرات في عدة نواحي من المغرب.
في سنة ،1912 كانت الكتائب العسكرية بالمغرب موزعة بين فرنسيين ومغاربة وجزائريين، ثم تضاعفت أعداد تلك الكتائب، وأصبح الجيش المغربي «يتألف من 10 فرق من المشاة و10 كوكبات من الخيالة، و4 فرق من المدفعية للحرب الجبلية وفرقة هندسية، زيادة على فرق الحرس الملكي المكون من مشاة وخيالة ورجال المدفعية» .يضيف كتاب المريني بهذا الخصوص، أنه في سنة 1913 تسلحت الفرق العسكرية بأسلحة جديدة، «وصار الجيش المغربي يحتوي على 16 فرقة من المشاة» وبقي عدد كوكبات الخيالة وفرق رجال المدفعية وفرق الهندسة هو نفسه، أضيفت إليهم فرقة لبناء السكة الحديدية .وما إن قرعت طبول الحرب العالمية الأولى سنة ،1914 حتى بلغت عناصر الجيش المغربي المدربة 7800 عنصر، مكونة من ست كتائب مسلحة ومزودة بخبرة أكبر.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»