رفض الفقهاء السينما، جملة وتفصيلا، لأنها مستوردة من ”الاستعمار الإفرنجي”، ولأنه من ”اللهو الباطل واللعب المذموم شرعا وعقلا”، قبل أن يدعو بعضهم إلى ما سموه بـ”الفن الهادف”، أي قبول الفن السابع بشروط.
ليس من المفاجئ أن تتسم علاقة الفقهاء مع السينما بكثير من التشنج، فالصورة بكل أنواعها شكلت مصدر توتر وحذر بالغ داخل المنظومة الفقهية، فكيف إذا رافقها التمثيل والموسيقى ومحاكاة الواقع ونقله دون تجميل أو مثالية، فكان من الطبيعي أن يقع الصدام بين الطرفين منذ الظهور الأول لاختراع السينما، وإنتاج أولى الأفلام، ذلك الصدام الذي ما زال مستمرا إلى اليوم بدرجات مختلفة رغم كل ما عرفه عالم الصورة من تطورات وتغيرات .فكيف استقبل الفقهاء المسلمون هذا الاختراع؟ وكيف تفاعل رجال الدين بالمغرب مع اقتحام السينما للمشهد الثقافي المغربي؟ وعلى أي أسس شرعية بني موقف الرفض والتحريم؟ وكيف استمر جدل الدين والسينما بالمغرب إلى اليوم؟
مع ظهور السينما سنة 1912 كأحد أكبر وسائل الإعلام رواجا، واقتحامها للعالم الإسلامي مع الاحتلال الأوربي، كان من الطبيعي أن يكون موقف الفقهاء، الذي لا يكاد يعرف له مخالف، هو الرفض والتحريم، وقد سبق أن حرموا كل منتجات الحداثة بغض النظر عن مضمونها، من فونوغراف و تلغراف وآلات حربية وألبسة ومواد غذائية وغيرها، يكفي أنها قادمة من الغرب الكافر المحتل، لتأخذ حكم المنع وعدم الجواز، فكيف والسينما إضافة إلى منبعها “المشبوه“ تندرج ضمن صناعة الصورة، ومعلوم أن موقف الفقه التقليدي من الصورة ظل متوترا إلى عقود قريبة، وكان الرأي الغالب أن هذه الصور تمثل مضاهاة لخلق لله وتشبها به، وأنها تطرد الملائكة من البيوت، وأن النصوص الدينية قد جاءت بتحريمها ولعن صاحبها، في إحالة إلى المرويات الحديثية التي لعنت مصوري الأصنام والمجسمات المعبودة.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 109 من مجلتكم «زمان»