أقامت واشنطن بالمغرب، ابتداء من أربعينات القرن الماضي، قواعد عسكرية اعتبرت الأكبر في العالم، خلال تلك الفترة. وخارج صرامة الزي العسكري، جاء الأمريكيون بعادات تأثر بها المغاربة.
شهد العالم بعد اندلاع الحرب العظمى الثانية بين سنوات 1939 و1945 جملة من التحولات والتبدلات العميقة، شملت مستويات متباينة من حيث تأثيراتها على الدول الكبرى أو الدول الصغرى التي تحوم في فلكها .ففي خضم الصراع المحتدم، وفي معمعة استعراض القوة العسكرية، وما خلفه ذلك من دمار للعمران وفناء للأرواح، سعت الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا إلى وضع ما يعرف بالميثاق الأطلنتيكي، الذي وقع عليه، في 14 من غشت سنة 1941 كل من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت ورئيس الوزراء الإنجليزي وانستون تشرشل، وينص أحد بنوده على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وقد وقعت دول أخرى عليه خلال الشهر الموالي من السنة نفسها.
سعت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الميثاق الأطلنتيكي إلى جعل الدول الاستعمارية كإنجلترا وفرنسا وغيرهما، تتخلى عن الاستعمار الكلاسيكي الذي يعتمد أساسا على الاحتلال العسكري، والاستعاضة عنه باستعمار جديد يقوم على السيطرة الاقتصادية والسياسية على تلك الدول المستعمرة.
قامت الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل هذه الظروف المشحونة، بإنزال قواتها العسكرية على السواحل الأطلنتيكية المغربية في عملية ضخمة عُرفت بـ“طورش Torche” أو “الشعلة“، وذلك في 8 نونبر 1942وقد حرصت على إظهار هذا الإنزال على أنه إجراء عسكري من قوة دولية صديقة، فتحرت الابتعاد عن العاصمة الرباط تفاديا لاستفزاز الوطنيين المغاربة. ولزيادة طمأنة الرأي العام، أمر الرئيس روزفيلت هذه القوات بتقديم مساعدات غذائية للأهالي إثر المجاعة التي اجتاحت البلاد، فتم توزيع الأطنان من المواد الغذائية التي خففت من وطأة هذه الأزمة على السكان.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»