«الكنزيون» هم الذين كانوا يبحثون عن الكنوز عن سابق تخطيط. وقد تمتع المغاربة، يهودا ومسلمين من القدم إلى اليوم، بـ«شهرة» مشهود لهم بها في التنقيب، تتجاوز المجال الجغرافي المغربي.
تغذت فكرة التنقيب عن الكنوز بقوة في المغرب، عبر تداول أخبار عن وجود كنوز لا تحصى في باطن الأرض، دفنتها الأمم التي سادت قبل وصول المسلمين إلى البلاد. فالكنزيون المغاربة كانوا مقتنعين بـ«أن الرومان عندما أخذت منهم إمبراطورية إفريقيا، [وقبل أن يغادروا المغرب]، دفنوا في ضواحي فاس عددا وافرا من الأشياء الثمينة النفيسة التي لم يتمكنوا من أخذها معهم، وسحروها». وكان بعض الكنزيين، في المدينة المذكورة، يزعمون بأن لديهم تقاييد تحيل على الأماكن التي توجد فيها الكنوز. وقد انتُقد اعتقاد الكنزيين هذا وادعاءاتهم، واعتبرت الحكايات المتداولة عنه «أحاديث خرافة».
يفسر علم الاجتماع انتشار مثل هذه الخرافات في المجتمع واستفحالها بزيادة صعوبة ظروف الحياة وتعقيداتها، والشعور بالضعف والعجز عن مواجهتها، لاسيما زمن التحولات العميقة. ولا غرو، أن مغاربة العصر الوسيط وأواخره خاصة، عاشوا ظروفا عصيبة بفعل بشري وطبيعي معا، بما يفيد أن أزمات الحقبة، وما كانت تسببه من فقر وحرمان، أسهمت في ظهور وتزكية فئة من الحالمين بالثروة، والساعين إلى الحصول عليها بأقل جهد ممكن، ومنهم الكنزيون.
كان الكنزيون على بينة أيضا من أن تخزين الأموال والنفائس لم يكن مقتصرا على أموال الأمم السالفة فقط، وإنما أيضا على كنوز المغاربة أنفسهم، فقد كانت دوافع إخفاء الأغنياء من المغاربة لثرواتهم، أو جزء منها، كثيرة، ومنها ظروف انعدام الأمن بفعل الفتن والتمردات والحروب التي كانت تظهر بين الفينة والأخرى.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 2 من مجلتكم «زمان»