بنى المخزن قوته عبر امتلاك سلطة المال والجاه وقدرته على التحكم في الثروات وتوزيعها من أجل ضمان الولاءات، في هذا العدد، تبين «زمان» كيف برع المخزن في صناعة الغنى والفقر، حسب هواه.
في مقدمته الشهيرة، أقر ابن خلدون أن مذاهب المعاش الطبيعية من فلاحة وصناعة وتجارة قلما كانت السبيل إلى الثروة والاغتناء في المجتمع المغربي خلال العصر الوسيط، ذلك أن أكثر التجار وأهل الفلاحة وأهل الصنائع إذا اقتصروا على فوائد صنائعهم، “فإنهم يصيرون إلى الفقر والخصاصة في الأكثر، ولا تسرع إليهم ثروة، وإنما يرمقون العيش ترميقا، ويدافعون ضرورة الفقر مدافعة”. ومرد ذلك إلى ارتباط الثروة بمذهب آخر غير طبيعي هو “الإمارة”، حيث تتحصل الثروة ويغتني صاحبها من خلال تملك الجاه باعتباره “القدرة الحاملة للبشر على التصرف فيمن تحت أيديهم من أبناء جنسهم بالإذن والمنع والتسلط بالقهر والغلبة”.
على هذا الأساس، كان السبيل إلى الاغتناء هو الجاه، فإن كان “متسعا كان الكسب الناشئ عنه كذلك، وإن كان ضيقا قليلا فمثله. فكل من لم يملك جاها، أي صلة وطيدة بماسكي زمام الأمور في الدولة، بما يُمَكِّنُهُ من ممارسة القهر والتعسف والتسلط على مراتب المجتمع فاقدة الجاه لتحصيل الثروة، كانت وضعيته معرضة للهزات العنيفة ولو امتلك الأموال الطائلة. أما تحصيله واكتسابه، فلا يتم إلا بالخضوع والتملق لذوي السلطة والنفوذ، حيث يسعى الباحثون عن الثروة في التقرب من السلطان، ويستعينون على ذلك “بعظيم من الخضوع والتملق له ولحاشيته وأهل نسبه، حتى يرسخ قدمه معهم وينظمه السلطان في جملته، فيحصل له بذلك حظ عظيم”. وبعبارة أخرى، فإن السلطة عندما كانت تخول أحد المستفيدين نصيبا من الجاه، فقد كانت تعطيه فرصة تحصيل “ثروة غير عادية”.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 2 من مجلتكم «زمان»