حرم أغلب الفقهاء كل وسائل التسلية والترفيه على اعتبار أنها من “اللهو”، وعلى اعتبار أن الإسلام يلزم الحرص على الاشتغال للدنيا والآخرة.
رغم أن كثيرا من الأصوليين جعلوا وسائل التسلية والترفيه أو “اللهو“ في الاصطلاح الفقهي من المباح الأصلي الذي لا يحتاج لمعرفة الحكم الشرعي إلا إن اتصل به ما قد يغير هذا الحكم، غير أن العقل الفقهي الإسلامي كان دائم التوجس من هذا الموضوع، باعتبار الإسلام دين الجدية والاشتغال للدنيا والآخرة، إلا في حدود ضيقة جدا. وباعتبار فكرة رائجة في هذه الأدبيات، تعتبر الخشونة والبعد عن المرح من سمات القوة، وترى أن الدولة النموذج ليس من سماتها الاهتمام باللهو والترفيه، بل هو أحد أهم أسباب خرابها ونهايتها، وأن المجتمع المتقدم لا مجال فيه لصرف الوقت فيما هو خارج الجد والعمل، ومتى غلبت فيه هذه الوسائل كان مجتمعا فاشلاوتافها. فبم يعبر الفقهاء في كتبهم عن وسائل التسلية والترفيه؟ وكيف كان تصورهم لهذا البعد الإنساني في حياة المجتمعات والأفراد؟ وما موقف الفقهاء من الوسائل المستعملة في التسلية والترويح عن النفس؟ وما مدى مطابقة هذه الأحكام لما كانت عليه المجتمعات المسلمة عبر التاريخ بمشرق عالم المسلمين وغربه؟
التوتر مع اصطلاح “اللهو”
يعبر الفقهاء، في كتبهم، عن كل وسائل التسلية والترفيه بـ“اللهو“، ويستخدمون هذا المصطلح على نطاق واسع، وإن كان ذلك غالبا في معرض اعتباره سببا في التحريم، فالغناء والمعازف حرام لأنها من اللهو، ولا يجوز قصر الصلاة في سفر الصيد لأنه من اللهو، والذي يبغي الصيد بطرا ولهوا يعد باغيا، وتبطل الوصية بآلات اللهو، ويقدح في عدالة المرء استعمال اللهو، ويجوز كسر آلات اللهو، ولا تقطع يد سارق آلات اللهو، وغيرها من الأحكام الفقهية الكثيرة التي أوردت مصطلح “اللهو“ في سياق الذم والتحريم والانتقاص، فهو “شاغل عن خصوص ذكر الله“، و“مله عن طريق الخير والرزق“.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»