ظهر المرينيون في المجال المغربي عقب هزيمة الموحدين في معركة العِقاب في الأندلس، قبل أن يستأثروا بالحكم، لكن نهايتهم بدأت باقتتال الأمراء حول السلطة.
بنو مرين فخذ من قبائل زناتة، واحدة من ثلاث عصبيات كبرى في المغرب إلى جانب مصمودة وصنهاجة. كانت قبائل بني مرين، قبل سيطرتها على المغرب الأقصى، تستوطن مجالات القفر من فگيك إلى سجلماسة جنوبا إلى أعالي ملوية شمالا، حيث كانوا يمارسون فيها الانتجاع بحثا عن الكلأ لماشيتهم، وأسلوب الغزو لضمان بقائهم .وبالنظر إلى اقتصاد القلة الذي كانوا يعيشونه، فقد كانوا، في أواسط فصل الخريف، يتوزدون من أﯕرسيف بما كانوا يحتاجونه من مواد غذائية، قبل العودة إلى مواطنهم في تخوم الصحراء، حيث كانوا يتحكمون في قسم من طرق التجارة الصحراوية. كان هذا ديدن المرينيين إلى أن ظهروا في ساحة الأحداث إثر مخلفات هزيمة الموحدين في معركة العِقاب في الأندلس سنة 609هـ/ 1212م، فترتب عنها ضعف أجهزة الدولة القائمة، واختلال أوضاع المغرب الأقصى، وتزامن ذلك مع فراغ ديموغرافي كبير عرفه شمال البلاد إثر مجاعة كبيرة، فاستغل المرينيون هذا الوضع، وكذا بُعد مركز الدولة عن المجال الذي يتحركون فيه، وانشغالها بتضميد جراحها، فشرعوا في التوغل في ممر تازة ذي الأهمية العسكرية والاقتصادية المتمثلة في مراقبة المسالك التجارية، وبسط سلطتهم بقوة وقسوة على المجال وسكانه، والعمل على تقويض دعائم حكم الموحدين، فدخلوا معهم في حروب طويلة دامت أكثر من نصف قرن، وفي الآن نفسه ضد حلفائهم من القبائل الهلالية وخاصة رياح، لأن هذه القبائل كانت مسؤولة، من قبل الموحدين، على أمن وجباية المناطق التي شرع المرينيون في اكتساحها وهي مناطق سايس والهبط وأزغار (الغرب حاليا). واستطاع المرينيون خلال هذه الحروب إلحاق خسائر فادحة بالأطراف المذكورة، وإخضاع عدد كبير من قبائل المغرب الأقصى لسلطتهم، وإلزامها بأداء الإتاوات، واستطاعوا بسط نفوذهم على معظم البوادي المغربية، ومن ثم ضيقوا الخناق على الموحدين. وهم في كل هذا لم يكونوا متسلحين بأي دعامة دينية – مذهبية، أو مشروع سياسي.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 132 من مجلتكم «زمان»