ظل المغرب، لعدة قرون، سدا منيعا ضد أي تغيير جذري لأوضاعه، إلى أن باشر المسلمون، العرب منهم خاصة، حملاتهم. وعلى عكس فارس، التي فتحت في ظرف عشر سنوات، استعصى شمال إفريقيا على العرب، لما يقارب مائة وخمسين سنة.
بالموازاة مع حكم المماليك الأمازيغية، تعاقب على شمال إفريقيا حكم الفينيقيون والوندال والرومان البيزنطيون، قبل أن تصلها جيوش العرب من الأمويين. وبخلاف المغرب أو ما كان يسمى بموريطانيا الطنجية (Mauretania Tingitana)، لم تنج مواطن البربر بمملكة نوميديا (المغرب الأوسط) من الهجمات والأطماع التوسعية للرومان. لكن، وبعد ثمان حملات عسكرية لجيوش المسلمين، على مدى سبعين سنة متواصلة، أحكم العرب قبضتهم على قسم مهم من شمال إفريقيا، ثم عبروا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس).
هل كانت “تامزغا” أرضا مفتوحة وسكانها بدائيين لا يهتمون باستقلالهم، وأرضهم سهلة على الاستعمار؟ يرفض عبد لله العروي، في كتابه “مجمل تاريخ المغرب“، ما ادعاه المؤرخ الفرنسي غابرييل كامبس، بكون المغرب شهد مجتمعات بدوية ورعوية. ويؤكد أن ما كشفت عنه الحفريات والنقوش الصخرية، من أبنية وأثاث وسلاح ولباس وطقوس، يشير إلى حياة مزارعين مستقرين. وتدون كتب المؤرخين أن الأمازيغ عرفوا، منذ القرن الثالث قبل الميلاد، كيانات سياسية كبيرة عبر سائر تراب “تامزغا” من برقة (بليبيا) إلى المحيط الأطلسي. هذه الكيانات، التي تعارف المؤرخون على تسميتها بالممالك، كانت لها عروش وتيجان ورعايا وجيوش، وعلاقات تجارية وسياسية مع دول البحر المتوسط المعروفة في ذلك الوقت، وهي قرطاجة وروما، بحسب ما فصل فيه محمد المهدي علوش في كتابه “إسلام الأمازيغ“.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»