مع اشتداد الأزمة الأوكرانية، وجد المغرب نفسه أمام تحديات كبيرة، أهمها :ضمان موارده وشراكاته الاقتصادية مع الطرفين، ثم كذلك اتخاذ مواقف دبلوماسية تحافظ على جميع مكتسباته وتؤمّن مصالحه مستقبلا.
ما إن شنّت روسيا الحرب على أوكرانيا وباشرت التوغل في أراضيها، حتى اتفقت الدول الغربية وحلف الناتو، بالأساس، على فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، كخطوة أولى لردعها وثنيها عما تمضي فيه. ومن المؤكد أن تؤثر الإجراءات الاقتصادية المتخذة، بشكل كبير، على الاقتصاد الروسي، حسب الخبراء، مثلما تؤثر الحرب حاليا على أوكرانيا. لكن هذه التقلبات ستطال، بطبيعة الحال، العلاقات والشراكات التي تجمع المغرب مع الطرفين.
وفقا لأرقام السنة الفارطة، فإن أوكرانيا كانت مرشحة لتصبح المورد الرئيسي للقمح في المغرب، لكن ونتيجة لهذه الأزمة، سيظل المغرب من بين أكبر المتضررين، باعتباره يعتمد على مجموعة من المنتجات الفلاحية الأوكرانية، وكذلك لأنه يعيش موسما فلاحيا عصيبا نتيجة قلة التساقطات وموجة الجفاف التي تضرب ربوعه. أما من جهة روسيا، فقد تعززت العلاقات بين موسكو والرباط منذ زيارة الملك محمد السادس لروسيا في سنة ،2002 ثم زيارته الثانية سنة ،2016 من أجل التوقيع على عدة اتفاقيات تهم مجالات أساسية. ولتأكيد الشراكة من جهتها، أكدت موسكو عزمها مواصلة عملها مع المغرب، أثناء زيارة الوزير الأول الروسي للرباط سنة ،2017 والتي توجت بتوقيع 11 اتفاقية جديدة تتعلق بقطاعات حيوية، كالفلاحة والطاقة.
وخلال الاتفاقيات الموقعة، عبّرت روسيا عن رغبتها في الرفع من وارداتها الفلاحية من المغرب، والتي تستورد ثلث حاجياتها منها من البواكر والحوامض المغربية .أما في مجال الطاقة، والذي تراجعت موارده لدى المغرب مؤخرا وأضحى في أمس الحاجة إلى حلول بديلة، فقد كانت روسيا، قبل هذه الحرب، مستعدة لتعزيز التعاون مع المغرب في مجال الطاقة النووية والطاقات المتجددة.
المغرب الآن في حاجة إلى الطرفين، وليس له نية للتخلي عن موارد البلدين لتغطية حاجياته الأساسية، وليس له نية أيضا في التخلي عن سياسته الدبلوماسية التي ينهجها بشكل متزن مع جميع الدول؛ إذ لا يميل لطرف على حساب آخر. ولهذا الغرض، أصدرت الخارجية المغربية بلاغا مقتضبا تؤكد فيه أن المملكة المغربية تتابع بقلق تطورات الوضع بين روسيا وأوكرانيا، وأوضحت أن الرباط تجدد «دعمها للوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة» .كما ذكّرت «بتشبثها بمبدأ عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول»، وأنها تشجع جميع المبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات.