يعتبر المكتب الشريف للفوسفاط إحدى أكبر المؤسسات الوطنية، وإحدى الشركات الرائدة عالميا في إنتاج مادة الفوسفاط، فما هو تاريخ هذه المؤسسة؟ ما هي أهم المحطات التي عرفتها هذه الشركة حتى تحولت إلى ما هي عليه الآن من قوة وتوسع تجاوز حدود المغرب إلى مختلف قارات العالم؟
منذ أن كانت فرنسا تحتل الجزائر وهي تحاول اكتشاف كل ما يتعلق بالمغرب من خصائص ثقافية ولغوية وسياسية، حتى لا تعيد تجربتها الدموية هناك في المغرب، وحتى يكون دخولها للمغرب سلسا وبطرق دبلوماسية، فكانت ترسل من أجل ذلك البعثات والجواسيس لمدها بتقارير دورية، تتضمن أيضا اكتشاف خريطة الثروات المعدنية. كان من أبرز المستكشفين الفرنسيين الباحثين عن الثروات المعدنية في المغرب لويس جونتي الذي قطع المغرب من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله، متنكرا في لباس مغربي وبحلاقة شعر محلية، متحدثا باللهجة المغربية بطلاقة، ومتخذا لنفسه اسم “علال”، ليقوم بدراسة كل الجوانب الطبوغرافية والجيولوجية والمناخية، خصوصا بمناطق الصويرة وسوس وإمينتانوت وتارودانت، في رحلة استمرت لمدة سبعة أشهر. عاد لويس جونتي مرة أخرى إلى المغرب، وقدم نفسه كعابر سبيل ومعه بعض التجهيزات الصغيرة كمقياس درجة الحرارة والضغط ومقياس المسافات وآلة تصوير، وعندما يسأله الناس عن مهنته يقدم نفسه كطبيب، وأحيانا كان يقدم للناس أدوية ووصفات طبية، كما كان يظهر بصفة الولي الصالح الذي يكثر من الصلاة وأداء النوافل، مما جعل له حظوة وتقديرا في أعين المغاربة، وأحيانا كان ينتحل صفة المؤرخ الذي يحدث الناس عن تاريخ المغرب العريق وعن تاريخ العرب عموما. رجع بعدها لويس جونتي إلى باريس، وبدأ بنشر المقالات عن المغرب ومعادنه، وألف في ذلك كتابا سماه “في ربوع بلاد السيبة” سنة 1906، مما جعل وزارة الخارجية الفرنسية تكلفه بالعودة إلى المغرب بشكل رسمي من أجل اكتشاف إقليم مراكش، ثم المنطقة الشرقية وفاس، ليتجه بعدها إلى منطقة “اليوسفية” والتي كانت إلى وقت غير بعيد تسمى باسمه.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 138 من مجلتكم «زمان»