لم تقتصر ظاهرة المهدوية بالعالم الإسلامي على بعدها العقدي، وإنما كانت أيضا شعار سياسيا تم توظيفه لتبرير التمرد على السلطة والثورة على الحكام، في ظل رواج الفكرة لدى عامة الناس، وانتشار الخرافة والأسطورة التي ترفع المهدي لدرجة القداسة، وتلزم بطاعته واتباع أوامره.
عرف المغرب عددا من أدعياء المهدوية الذين استغلوا هذا الاعتقاد لتحقيق مآرب سياسية، والخروج على الحكم وتأسيس دول مستقلة، كان من أبرزهم أحمد بن عبد لله السجلماسي العباسي الفيلالي، المشهور بابن أبي المحلي، الذي كان من قادة الجيش زمن السلطان السعدي زيدان الناصر، قبل أن يدعي المهدوية وينقلب على حكامه السعديين، ويؤسس حكما لم يتجاوز عمره ثلاث سنوات، فمن يكون ابن أبي محلي؟ وكيف ادعى المهدوية؟ وكيف أسهم ادعاء المهدوية في قيام دولته؟ وكيف كانت النهاية؟ هو أبو العباس أحمد بن عبد لله بن محمد بن القاضي بن أبي محلي السجلماسي، ولد بسجلماسة سنة 967هـ/1559م، وينتمي إلى عائلة ولد السبع أهل زاوية القاضي المشهورة بالمنطقة، ويدعي أن أسرته مزدوجة النسب، والده من جهة العباس بن عبد المطلب عم النبي، وأمه من سلالة إدريسية، وقد أورد في كتابه «إصليت الخريت في قطع بلعوم العفريت النفريت» عدة روايات يحاول بها إثبات هذا النسب، وإن كانت السلسلة التي ذكرها لا تستجيب لمعيار ابن خلدون، والذي يعتمد على وجود ثلاثة أجيال في كل قرن، فيما ابن أبي محلي سرد عددا أقل من ذلك بكثير.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 125 من مجلتكم «زمان»