حضر فنا الموسيقى والغناء بشكل واضح، في المجتمعين المغربي والأندلسي، ونشط عبرهما جدل فقهي بين محرم ومبيح.
من القضايا الملغزة والإشكاليات المثيرة في عالم المسلمين قديما وحديثا، إشكالية الموسيقى والغناء بين الإباحة والتحريم. ولعل دراسة متأنية لمصادر تاريخ المسلمين والفقه الإسلامي توضح، بجلاء، الحضور القوي لهذا الموضوع في ذهن المؤرخ والفقيه والصوفي والحاكم والمحكوم، وقد لا نجانب الصواب إذا قلنا إن الموضوع ذاته قد جر السجال نفسه في الغرب الأوربي.
سجال فقهي
يرى الباحث هنري جورج فارمر، المتخصص في تاريخ الموسيقى العربية، أن من أعظم المسائل المحيرة عند المسلمين موقفهم من الموسيقى، حيث تناقش الفقهاء قرونا من الزمن حول ما إذا كان الاستماع للموسيقى حراما أم لا، وخلص إلى صعوبة إدراك كيفية بدء المشكلة، نظرا لعدم وجود أية كلمة صريحة تدل على كراهية مباشرة للموسيقى والغناء في القرآن، بل إن الأهم من ذلك أن الموسيقى كانت أمرا يصعب الاستغناء عنه في حياة العرب الاجتماعية.
لقد شكل موضوع الموسيقى والغناء نقطة اختلاف عند الفقهاء منذ القدم وحتى يوم الناس هذا، وما يزال الموضوع مطروحا بقوة للسجال وللرأي ونقيضه، فقد تعددت الآراء والمواقف بين تحريمه وإباحته، واختلفت أقوالهم وتباعدت مذاهبهم وتباينت استدلالاتهم وحججهم، فمنهم من حرم سماعه، ومنهم من أباحه إباحة مطلقة، وهناك فريق أباحه لذاته وكرهه إذا انضاف إلى غيره، وحرم سماع الآلات مطلقا، ولكل فريق أدلة يعضد بها موقفه.
عبد الرحيم الغازوي
تتمة المقال تجدونها في العدد 87 من مجلتكم «زمان»