كان الوطنيون المغاربة في قلب صراعات الشرق العربي السياسية والإيديولوجية، مما عقد من مهمة التأسيس لبنيات سياسية محلية ذات بعد عميق لمكونات الدولة الوطنية.
ظلت العديد من الدراسات تربط ما بين نشأة الوعي الوطني والبعد السلفي في قالبه الإسلامي بالرغم من تناقضاته الداخلية على مستوى بنية الدولة الوطنية، بينما سجل البعض الآخر، وبنوع من الاحتشام، صلة العمل الوطني المغربي بمنابع تحريك الوعي القومي العربي، في استحضار ضمني وتغليب لدور سوريا ولبنان والعراق في ذلك. أكد عبد الكريم غلاب، وفق بنية كلاسيكية للتأريخ للحركة الوطنية، على دور الحركة السلفية في امتصاص اليأس الذي طال المغاربة بعد هزيمة المقاومة في الأطلس والريف، إذ رسم الكاتب الروافد الأساسية في بلورة “الفكرة الوطنية“ لدى حزب الاستقلال تحديدا في الربع الأول من القرن العشرين في الحركة السلفية والحرب الريفية، والحرب التي خاضتها تركيا بزعامة مصطفى كمال ضد اليونان، ودور المجلات العربية والإسلامية ذات الحمولة الفكرية القومية، والتي كانت تفد على المغرب من مصر وفلسطين وسوريا في رسم معالم بعد وطني لدى رجالات الحركة القومية. كما شكلت الحركة السلفية، من وجهة نظره، فرصة أمام الوطنيين للتعبير عن رفضهم لمختلف مظاهر الانحرافات الاجتماعية التي طالت المجتمع المغربي. غير أنه لا يمكن فهم حقيقة الدوافع المشكلة للوعي الوطني لدى الشباب المسلم المغربي من دون استحضار الدور الملتبس لشكيب أرسلان الحامل لعدد من الأفكار السياسية التي كانت تروج بسوريا ولبنان والعراق ومصر في علاقاتها بالقوى الأوربية المتصارعة، حيث اعتبر بمثابة “الشخصية اللغز“ التي تميزت بطابع “كاريزماتي“ في الدفع والتأثير على الحركة الوطنية المغربية نحو اختيارات سياسية تستجيب لمجموعة من الشروط الإيديولوجية المتضاربة والرائجة خلال الفترة التاريخية، وخاصة منها ما ارتبط بسياق ظروف الحرب العالمية الأولى.
محمد براص
تتمة المقال تجدونها في العدد 136 من مجلتكم «زمان»