يعتقد امحمد الخليفة، الرئيس الأسبق لفريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، إن ملتمس الرقابة، الذي قدمته المعارضة يوم 14 ماي 1990، كان بمثابة دق ناقوس الخطر للعمل على إخراج المغرب من متاهات تزوير الانتخابات وعدم احترام حقوق الإنسان والحد من امتهان كرامة المواطن المغربي.
ويذهب الخليفة إلى القول إن ملتمس الرقابة كان له صدى عميق عند الحسن الثاني وساهم في الانفراج الذي عرفه المغرب في التسعينات من القرن الماضي بالقضاء على المعتقلات السرية كتازمامارت وغيرها، وبعودة المنفيين قسرا لأسباب سياسية، وبإلغاء قانون «كل ما من شأنه».
كيف جاءت فكرة تقديم ملتمس الرقابة عام 1990؟
يجب التذكير، بداية، أن ملتمس الرقابة ذاك كان، من الناحية التاريخية، الثاني في تاريخ البرلمان المغربي بعد ملتمس رقابة عام 1965 الذي طرحته المعارضة ضد حكومة الجبهة، المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية المزورة التي عرفها المغرب لأول مرة في تاريخه عام 1963. أما ملتمس 1990، والذي وضع بالضبط يوم 14 ماي 1990 في الجلسة العامة كما ينص على ذلك الدستور، فكان بسبب السياسة اللاشعبية التي انتهجتها حكومة تلك الفترة. فلقد أقدمت على رفع الأسعار بشكل أدى إلى ضرب القدرة الشرائية وتدني المعيشة واستفحال البطالة، فضلا عن الانتشار المتصاعد للفساد الإداري والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ، ناهيك عن مظاهر البذخ والبهرجة والتبذير في الأنشطة الرسمية وغيرها، كما لا يجب أن ننسى استمرار المس الصريح والممنهج بحقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة والسياسية والنقابية، بل كانت التجاوزات تطال أحيانا أحكام الدستور…
كل هذا كان سائدا لعقود في المغرب، لكن ما هي الأسباب المباشرة التي دفعتكم إلى تقديم الملتمس؟
يمكن القول إن النقطة التي أفاضت الكأس هو الاضطراب الذي أصبح طابعا لحكومة تلك الفترة. فقد صاغت الحكومة، في الدورة الخريفية سنة 1989، مشروع قانون مالي تضمن العديد من الإجراءات ثبت أنها مملاة، في أغلبها، من مؤسسات الإقراض الدولية، فبذلنا في المعارضة مجهودات استثنائية لثني الحكومة عن المضي قدما في اعتماد مشروع القانون المالي لما يحتويه من مغالطات تجعل من المستحيل تنفيذ مقتضياته في ظروف المغرب آنذاك، غير أن الحكومة «ركبت رأسها» وضغطت بأغلبيتها للتصويت على ذلك المشروع. لكن بمجرد افتتاح الدورة الربيعية، في أبريل 1990، جاءتنا الحكومة بقانون مالي تعديلي، الشيء الذي جعلنا نحس أننا أصبحنا ننتج العبث في مؤسسة دستورية لها حرمتها وقيمتها ووزنها في البلاد، وهذا ما دفعنا إلى التفكير حالا في وضع ملتمس الرقابة.
حاوره عمر جاري
تتمة المقال تجدونها في العدد 7 من مجلتكم «زمان»