شكل الحرفيون، دائما، القوة الدافعة والركيزة الأساس لأي حراك احتجاجي شعبي، كما أثبت ذلك دباغو فاس، خلال القرن التاسع عشر، وبعدهم إسكافيو مراكش…
تعد فئة الحرفيين في تاريخ المغرب إحدى الفئات الاجتماعية التي اضطلعت بدور مميز في إشعال شرارات العديد من الانتفاضات والحركات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في فترات زمنية مختلفة. هذه الفئة، التي تمثل جزءا مهما من النسيج الاجتماعي والاقتصادي المغربي، شكلت دائما القوة الدافعة والركيزة الأساس لأي حراك احتجاجي شعبي .فمن المحطات البارزة التي ميزت هذه الانتفاضات، يسجل تاريخ المغرب انتفاضة الدباغين في مدينة فاس خلال القرن التاسع عشر، حيث أثبت الحرفيون قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، والتصدي للسياسات المجحفة التي كانت تؤثر على مصدر أرزاقهم .كما سجل مطلع القرن العشرين انتفاضة قوية للإسكافيين في مدينة مراكش، والتي جاءت تعبيرا عن رفضهم للظلم الاقتصادي الذي طالهم، محاولة منهم الحفاظ على مكانتهم ودورهم داخل المجتمع. وهكذا، لم يتوقف أثر ردود فعل الحرفيين عند الحقب الزمنية المشار إليها فقط، بل امتد حراكهم الاجتماعي ضد الاستغلال الاستعماري إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث كانوا دائما يشكلون أحد الأعمدة الأساسية لأي حركة احتجاجية أو مطالب اجتماعية، سواء في المدن أو الأرياف بطرق سلمية وعنيفة. لقد عكست تلك الانتفاضات المتكررة قوة وصلابة هذا المكون الاجتماعي ودوره الريادي في تحريك عجلة التغيير والمطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية في آن واحد .إذ يمكن القول إن فئة الحرفيين في تاريخ المغرب لم تكن مجرد عنصر اقتصادي فعال داخل المجتمع، بل شكلت كذلك صوتا ظل ينادي بمطلب تحقيق الكرامة والحقوق، مما جعلها مصدر إلهام وقوة للدفع بأي نضال يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على الحقوق في مختلف فترات تاريخ المغرب.
وليد موحن
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»